تصوير الظواهر الجوية والبيئية هو أمر اعتيادي لهواة ومحترفي التصوير مهما كانت درجة حدة وقسوة تلك الظواهر، وما يصاحبها من ظروف مناخية استثنائية. المهم لدى هؤلاء اقتناص الفرصة الذهبية والتقاط صور فريدة بجمالها وتفاصيلها المذهلة. عشاق التصوير من منطقة تبوك وخارجها تمكنوا هذا الأسبوع من التقاط تلك الصور الاحترافية التي سرعان ما طافت أطراف العالم منذ الثواني الأولى من حلول «الأبيض» ضيفاً عليها، وقد نجحوا حقيقةً في توثيق جماليات تلك اللحظات والخروج من دائرة الصور النمطية للثلوج وكيفية استقبالها. رغم أن تساقط الثلوج بمرتفعات تبوك ليس حدثاً نادراً فهي تكاد تتكرر في كل عام إلا أنها تختلف بحسب قوة الحالات من ناحية كثافتها وبالمساحة المغطاة ببياض الثلج ومدة بقائه، وهذه أكثر العوامل التي يحرص المصورون على معرفة توقعاتها من خبراء الطقس والمناخ، وبحسب التوقعات للحالة الجوية الأخيرة التي جاءت لتؤكد بدء تساقط الثلوج فجراً وطول فترة بقائها وقوة هطولاتها، أعد المصورون العدة ليباكروها بالحفاوة والبشر في أجواء بهيجة، مارسوا بها طقوس الاحتفاء كعادتهم وتحدوا الصقيع الذي «تصطك معه الأسنان» وتتجمد منه الأطراف فكانت عدساتهم حاضرة توثق تلك التساقطات وغزارتها بحرفية كبيرة ومهارة عالية رغم قسوة لسعات الكتلة الهوائية عليهم. وبعد مرور الساعات الأولى من تساقط الثلج، وتراكمه الكثيف على مساحات واسعة من تلك المرتفعات، استيقظ الكثيرون على لقطات للجبال الصلدة السوداء، وقد كساها الثلج بلون البياض الآسر الماتع، وتوالت الكثير من الصور ومقاطع الفديوهات التي وثقت الاحتفاء السخي والبهيج بهذا الضيف العزيز على قلوبهم، و»حديث الصورة» هنا كان مدهشاً ومختلفاً عن أي مكان آخر تساقطت فيه الثلوج بداية بفرحة الوجوه واستبشارها ونهاية بإعداد القهوة بكُتل الثلج وحضور «الدحة الشمالية»، وبعد آخر لا يقل جمالاً وفناً لمناظر الأشجار والجمال والخيام وبيوت الشعر تحت وقع الثلوج، فكل الزوايا هناك كانت متاحة وتنوع العناصر التي تحمل أكثر من دلالات زادها جمالاً وتفرداً في البيئة الشمالية. اليوم انتهت حكاية الثلج، لكن التأثيرات النفسية والرسائل التي حملتها تلك الصور الجميلة مازال يتردد صداها، وهو ما يدعونا لنتساءل هنا أين الاحتفاء والتكريم من كل الجهات ذات العلاقة بهؤلاء المصورين الذين كافحوا في ظروف قاسية لالتقاط كماً من الصور كانت هي الأجمل في الاحتفاء والتوثيق، وهل يمكن أن تتبنى أحد تلك الجهات مسابقة وجائزة سنوية للصور والأفلام تحت اسم «ثلوج اللوز»، وهل من فرصة لاستثمار تلك الهطولات في توفير نافذة تدريبية للمصورين بإشراف الخبراء والمتخصصين في مجال التصوير، وتقديم كافة أنواع الدعم والتسهيلات لهم. وما نؤكد عليه هنا هو أن كثيراً من التساؤلات -عالمياً- وصلت لحد الدهشة والانبهار، حينما نال مصور سعودي جائزة المعرض الدولي للتصوير في باريس بفرنسا للمصور بدر العنزي عند استحقاق «صورة الثلج» للجائزة بل إنها كانت أيضاً واجهة لنفس المعرض الذي استقطب من أنحاء العالم كبار المصورين إذ كان هناك تعجب كبير بأن تكون هذه الصورة من المملكة لاعتقادهم بأنها صحراء ولا تتساقط فيها الثلوج. أخيرًا الثلوج في مرتفعات شمال المملكة ضيفاً استثنائياً لطالما لاقت ترحيباً وحفاوة استثنائية ولطالما أيضاً كست الأرض والقلوب بمشاعر من الفرح والابتهاج التي تثير الغبطة هنا وهناك.. ولأنه كذلك هل لهُ من جائزة استثنائية تتنافس عليها عدسات المصورين؟