أخذت الكثير من مؤسسات المجتمع المدني على عاتقها الاهتمام بالشأن الثقافي من خلال إقامة الأمسيات والملتقيات الثقافية للمثقفين.. وحول هذا الموضوع التقت «الرياض» بعدد من المثقفين الذين تحدثوا عن رؤيتهم لهذا الدور ومدى تأثيره على الأندية الأدبية وإيجابيات تعاونه مع هذه الأندية لخدمة المشهد الثقافي. مستقبل الثقافة في البداية أكد الأديب والناقد والشاعر سعيد السريحي أن مستقبل الثقافة سيكون من خلال هذه المراكز وقال: أعتقد أن هذه المراكز هي خطوة مهمة لمستقبل الثقافة، وينبغي أن تعطى هذه المراكز حقها من الرعاية ومن حرية الأداء ومن استقطاب الناس وإقامة الفعاليات، وأعتقد إذا كان للثقافة مستقبل فهو مستقبل القطاع المدني أو مستقبل المجتمع المدني المتمثل في هذه المراكز. رافد للعمل المؤسساتي د.أحمد قران الزهراني شاعر وأكاديمي يعد أن تعد مؤسسات المجتمع المدني بكل أشكالها واختصاصاتها أهم رافد للعمل المؤسساتي الرسمي، لأن من المفترض أن تقوم بعمل منظم وفق رؤية شفافة وواضحة، لا تخضع للتجاذبات خاصة في المجال الإنساني والثقافي. مؤسسات المجتمع المدني إذا ما وجدت أرضية واعية لدورها وخطة ممنهجة فإنها تتفوق في عملها على المؤسسات الرسمية التي غالباً ما يغلب عليها الطابع البيروقراطي ذو الحركة البطيئة الروتينية مما يفقده تحقيق منجزات سريعة وكثيرة. لهذا ما تقدمه المنتديات والجمعيات الخاصة من أنشطة ثقافية متنوعة يجد صدى إيجابياً كبيرًا، ولهذا أتمنى من الدولة السماح بالجمعيات الثقافية من خلال تخفيف الاشتراطات التي تقف عقبة في إنشائها، حيث أن هناك كثيراً من المهتمين الذين يرغبون في إنشاء مؤسسات المجتمع المدني لكنهم يصطدمون بالإجراءات المعقدة، وفي تصوري أن المجتمعات الصحية هي تلك المجتمعات التي تكثر فيها مؤسسات المجتمع المدني. نحن في بداية الطريق ولعل نجاح المنتديات والجمعيات الخاصة القائمة حالياً والتي تقدم برامج وفعاليات متميزة لعلها تكون دافعا لفتح المجال للذين يرغبون في المساهمة في تنمية الوطن ثقافياً واجتماعياً من إنشاء مثل هذه المنتديات لأنها فعلاً تساهم في التنوير المجتمعي. فاطمة الغامدي: بث دم جديد في ثقافتين المؤسسات الخاصة وحمل الهم الثقافي: د. خليل إبراهيم الشريف عضو النادي الأدبي الثقافي بجدة يشير إلى أنه كانت ولا تزال مؤسسات المجتمع الخاصة مهتمة بالشأن الثقافي في صور متعددة وأشكال من الدعم متنوعة، هذا الدور مطلب جوهري تفرضه الحاجة الثقافية الملحة، وتؤكد عليه المتغيرات المتسارعة للمشهد الثقافي والاجتماعي، في جدة على سبيل المثال يظهر أحد الصروح الثقافية الشامخة وهو مبنى الشيخ الشربلتي الذي أهداه للنادي الأدبي الثقافي بجدة، يتضمن هذا المبنى مسرحاً كبيراً ومكتبه وقاعات للأنشطة الأدبية بالإضافة لمكاتب الموظفين. هذا الصرح الشامخ ضم بين جدرانه العديد من اللقاءات والندوات والمحاضرات والحفلات الثقافية. وكان له دور جوهري كمعلم أدب وثقافي لن يمحى من ذاكرة المثقفين. في هذا الصدد، نتساءل كمثقفين.. ما المستوى المطلوب الذي ينبغي على مؤسسات المجتمع أن تؤديه لخدمة الثقافة والحركة الأدبية والفنية في الوطن؟ وعند أي حد سيكون المجتمع الثقافي راضياً ٍعما تقدمه تلك المؤسسات؟ أتصور أن الدافع الحقيقي لدعم الحركة الثقافية من مؤسسات المجتمع الخاصة.. ينبع من الأساس بمدى إيمانهم بالدور الثقافي في حياة الأمم، دور الشعر والأدب والمسرح، والفنون الثقافية في حياة الإنسان المعاصر. في بنائه معنوياً، وفي تحديد ملامح هويته، مالم يحضر هذا الدور في أذهان القائمين على ذلك ستبقى كل محاولات الدعم محدودة ومترددة. في رسم ملامح الدعم يقع على عاتق وزارة الثقافة دور مهم في تحديد أوجه الدعم، فدعم المؤسسات الخاصة للنشاط الثقافي لا ينبغي أن يكون شكلاً مفتوحاً تغيب عنه الخطة المدروسة والملامح المهمة التي تجعل ذلك الدعم فاعلاً ومجوداً، ويقع على المحكات التي يمكن من خلالها معالجة جوانب الضعف واقتناص الفرص.. دعم هذه المؤسسات حتى تنجح الرسالة الثقافية. أما القاص عضو نادي جدة الأدبي سلطان العيسى فلم يبتعد كثيراً عن آراء من سبقوه فقد اعتبر أنه في أي مجتمع هناك ثلاثة عناصر أساسية تكوّن المشهد الثقافي: المرسل وتمثلهُ المؤسسة الثقافية، والرسالة ويمثله الحدث الثقافي، والمتلقي وهو الجمهور بمختلف أطيافهم. تتفاعل العناصر الثلاثة السابقة بينها، ممثلة شكل المشهد الثقافي ومنهجه، ومحتواه، ومخرجاته. في العنصر الأول «المؤسسة الثقافية» هناك قسمان: مؤسسات حكومية، تمثلها الأندية الأدبية، والمؤسسات الخاصة، وتمثلها مؤسسات المجتمع المسجلة كمؤسسات تجارية ثقافية. وأرى أنها يجب أن تتشارك، وتتشاطر المشهد الثقافي مع المؤسسات الحكومية ذات الشأن، ولا تكتفي بالمشاركة، في صناعة المشهد. وما نشهده الآن خصوصاً في عام 2019م، هو حراك لتلك المؤسسات الخاصة بعد ركود، وصحوة وعي يكسر معها العقل الجمعي في المجتمع السعودي، المخاوف التي كانت تمنعه، من فتح المجال أمام المراكز الثقافية الخاصة، ومن أهم تلك المخاوف: ضياع الهوية، وانحلال قيم المجتمع. نحن نشهد هذا العام تأثيراً إيجابياً لتلك المؤسسات الخاصة، والتي جعلت المجتمع ينطلق بكل حرية، ليعبر عن نفسه ثقافيًا، ويتحدث أمام ذاته عن أفكاره، وهمومه، وانشغالاته. كذلك يقدم للآخرين صورة عن مبادئه، وتجاربه، وقيمه، وحضارته. لحضور مؤسسات المجتمع الخاصة دور في خلق بيئة تنافسية، مع الأندية الأدبية الحكومية، والتي أرى أنها سوف تختفي من المشهد مستقبلًا، حين يشعر الجميع بأن المؤسسات الثقافية الخاصة، تقدم ما هو مطلوب منها، أو ربما يتغير دور الأندية، لأدوار إشرافية وتنظيمية، على أقل تقدير.. لذلك أرى أنه من الضروري تشريع المزيد من الإجراءات التنظيمية المالية، والإدارية، والإعلامية، لمؤسسات المجتمع الثقافية الخاصة، لتمكينها من الارتقاء بمحتواها، كذلك لتجد السيولة الكافية، لتنفيذ مهامها، وأنشطتها المختلفة؛ في جو جاذب، متنوع، وإيصال صوتها إلى شريحة واسعة من المجتمع. ولعل نموذج مركز سيدانة الثقافي بمدينة جدة، نموذج رائع، للمركز الثقافي الخاص، والذي يحمل على عاتقه مهمة تقديم الثقافة والفن، إلى المجتمع في جو جاذب، يحمل سمات المرحلة الجديدة، التي تعيشها المملكة العربية السعودية.. مؤسسات فاعلة وجادة من جهتها تلفت الأديبة فاطمة الغامدي أنه أحياناً تعقد شراكات مجتمعية بين هذه المؤسسات الخاصة، وبين الأندية الأدبية، أو جمعية الثقافة والفنون لكن كما يبدو أن الأخيرتين تتعاونان من قبيل المجاملة، ولذلك لا تدوم هذه الشراكات لكنني أؤمن بأن هذه المؤسسات فاعلة وجادة لأن تولي البرنامج الثقافي اهتماماً أكثر من مجرد التنفيذ حسب الجدول الزمني، ولذلك بدأ الكثير من المثقفين والمثقفات في تكوين تجمعات ثقافية لها نفس الاتجاه شعر أو رواية أو غيرها، ويلتقون في المقاهي الثقافية وقد أعد كل منهم ورقة عمل مناسبة ويخرج منها بفوائد جمة بعيداً عن البيروقراطية أو حتى البروتوكلات التي قد لا تتعامل بمرونة مع ظروف المثقف وحاجته الإيجابية في حضور مجموعة متكاملة بلجانها وتنظيمها واختيار الأندية كمقر وكداعم معروف وجاذب كونه مؤسسة رسمية طريقة تعمل في الاتجاه الموجب لصالح الثقافة والأدب وتطعيم الثقافة والأدب يعمل على تحريك الراكد وبث دم جديد في وريد الأدب والثقافة لا شك أن دعم هذه التجمعات سيجعلها تستمر كما أن إحاطتها أو تأطير تحت مسمى يخضع لقوانين الثقافة والأدب وسياسة المملكة سيجعلها أكثر التزاما وعطاء وكذلك دعمها بشراكة المؤسسات المجتمعية في استضافاتها أو إقامة المسابقات ومنح الجوائز سيحعلها متألقة وتسير جنباً إلى جنب مع الأندية الأدبية.. ضد الاحتكار الكاتب والشاعر مسفر العدواني يؤكد أنّ العمل الثقافي ليس حكراً على مؤسسة معينة بل هو عمل اجتماعي تشاركي ويضيف: فطالما أن الثقافة سيدة الموقف فلا مانع من الاحتفاء بها من خلال الأمسيات والملتقيات وتلك المؤسسات التي ذكرتَ إن كان موقفها تنافسياً فجميل أن نتنافس من أجل الثقافة، وإن كان تثقيفياً فهو أجمل والحقيقة أصبحنا نلمس جانباً ثقافياً متصاعداً وهذا يدعونا إلى أن نستقبل رؤية 2030 بثقافة أوسع وأعمق من الماضي, أما الأندية الأدبية فدورها واضح, ودورها قديم وكبير في هذا الجانب, وإن كنّا حتى الآن لا نعرف ماذا سينكشف مستقبلاً عن آلية وعمل الأندية واحتمالية بقائها، أو تحويلها إلى مراكر أو بيوت ثقافية ويستدرك قائلاً: لكن الأهم أن يكون هناك شراكات مجتمعية ثقافية بين الأندية وبين المؤسسات الخاصة لخدمة الثقافة بشكل أجمل.. إلّا أنه يجب أن يوضع في الاعتبار أن الأندية الأدبية كان لها السبق والفضل الأكبر في الاهتمام بالشأن الثقافي، وأن المتغيرات الثقافية المتسارعة لم تخف وهج الأندية، وأن أحد أهم الأدوار التي ترتكز عليها الثقافة والأدب هي الأندية؛ وزاد: الحمد لله لا يوجد لدينا أزمة ثقافة ولا مثقف ولا أماكن وليس هناك شك في أن دور المثقفين والمؤسسات الثقافية هو التنوير والرقي بالثقافة والوطن. د.أحمد قران: مساهم رئيس في التنوير د. خليل الشريف: مطلب جوهري يواكب التغيير سلطان العيسى: تشريع الأنظمة يرتقي بالمحتوى مسفر العدواني: عمل جماعي يرفض الاحتكار