يروي لي أحد الدبلوماسيين العرب الذي عملوا سابقاً في جامعة الدول العربية: «كنا نمثل مواقف دولنا في الاجتماعات الرسمية والنقاشات، ويصل الأمر إلى نقاشات حادة وحروب كلامية مشتعلة، ولكن ما إن تنتهي الاجتماعات ويحل المساء إلا ونجتمع كما تعودنا من سنوات في إحدى مقاهي القاهرة للسمر وتجاذب أطراف الحديث كأصدقاء».. مقالة اليوم تناقش كيف نتعامل مع «الأعدقاء»؟ بداية لا بد من التسليم أن البعض قد يجد غرابة في تطبيق مبدأ قائم في العلاقات الدولية على مستوى العلاقات الشخصية بين الأفراد، وقبل الدخول في صلب الموضوع فكلمة (أعدقاء) هي كلمة مركبة وجمع ما بين (أعداء وأصدقاء)، ومرادفها في اللغة الإنجليزية (Frenemies) والتي تجمع (Friends & Enemies). ولتبسيط الأمر فمصطلح «الأعدقاء» يعني علاقة بين أشخاص أو منظمات أو دول تحمل في بعض جوانبها الصداقة وفي جوانب أخرى العداوة، ومن الأمثلة الواضحة العلاقة بين الصينوروسيا واللتان بينها تنسيق كبير في المواقف في مجلس الأمن وتنسيق اقتصادي في منظمة شنغهاي للتعاون، بيد أن روسيا وبدوافع اقتصادية تبيع الأسلحة إلى فيتنام التي تتخذ موقفاً سياسياً مناهضاً للصين، نفس الأمر ينطبق على اليابان وكوريا الجنوبية واللتان تتفقان في التنسيق الأمني مع الولاياتالمتحدة ضد كوريا الشمالية وبينها تعاون اقتصادي وتجاري كبير إلا أن النزاع السياسي قد يكون في فترات على أشده بين الحكومتين. ويعبر عن ذلك القائد البريطاني المخضرم وينيستون تشيرشل في قوله: «ليس لدينا أصدقاء دائمون، ولا أعداء دائمون، ولكن لدينا مصالح دائمة». وهنا يأتي السؤال: هل مبدأ «الأعدقاء» قائم على مستوى العلاقات الفردية؟ ويبدو أن أبا الطيب المتنبي قد أجاب على هذا السؤال في بيته الشهير: ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى ** عدواً له ما من صداقته بدُّ ولعله من المهم التسليم بأنه من الجيد أن يحاول الإنسان دوماً أن يكون على علاقة صحية ممتازة مع الجميع مع احترام اختلاف وجهات النظر والمواقف طالماً أنها تصب في المصلحة العامة بعيداً عن المؤامرات والدسائس والمعارك الشخصية الهادمة.. وللتعامل مع الأعدقاء أو الأشخاص صعاب المراس، فهنالك عدد من النصائح المهمة، ومنها: أولاً: ركز على المشكلة وليس انتقاد الأشخاص، وبدل إضاعة الوقت في انتقاد الطرف الآخر لعدم تعاونه فالأولى التركيز على معرفة سبب التأخير أو رفض المقترح ومعالجة تلك الأسبابا. ثانياً: اترك مسافة بينك وبين من يصعب عليك التعامل معهم بما لا يؤثر على سير العمل ولا ينتقص من الآداب والسلوك الراقي كأداء التحية ورد السلام. ثالثاً: تذكر أن الناس تختلف طباعها وطريقة تفكيرها ونظرتها للأمور وعلى الإنسان أن يتكيف ويتعايش مع هذه الاختلافات. وختاماً، حياة الإنسان لا تستقيم بالبراغماتية والعلاقات القائمة على المصالح وحدها، خاصة فيما يتعلق بالعائلة والأصدقاء المقربين، ومعادلة النجاح هي نية صادقة وعمل دؤوب.