إن توعية النشء وتثقيفهم بمقتضيات العصر الحديث والتغيرات السريعة والمستجدات الطارئة على المستوى السياسي والاجتماعي والفكري تعد من أهم القضايا المعاصرة التي يجب أن تعالجها وتهتم بها التربية الإعلامية لينطلق دورها الحقيقي الإعلامي التربوي بتعبئة الشباب وتحصينهم لمواجهة هذه الأحداث، وتمكينهم من المهارات الاجتماعية والشخصية التي تعينهم على التصدي لأي هجمات إعلامية شرسة، أو تيارات عدائية تستهدف أمننا وقيادتنا ووحدتنا الوطنية, عوضاً عن الانعزال أو التبرير، أو إسقاط المشكلات على الغير، كما تعنى التربية الإعلامية بمساعدة الطلاب على فهم حقوقهم وواجباتهم، وتقدير قيم الشورى، والإخلاص، وحب الوطن، والانتماء الصحيح، واحترام الآخر، ومواجهة الشائعات والتضليل، ومحاربة الأفكار المنحرفة أو المتطرفة وفق الأساليب التربوية ومن خلال تعزيز القيم الوطنية. إن من أبرز التحديات التي تواجه التربويين في كيفية الاستفادة من وسائل الإعلام المختلفة حتى ولو اعتبرت امتدادًا للأساليب التربوية أنها تشارك المؤسسات الاجتماعية كالأسرة والمدرسة والمسجد في تربية الأبناء وتنشئتهم بل تؤثّر في تشكيل عقائدهم وفكرهم، إن هذه القوة الخطيرة التي يملكها الإعلام هي دائم سلاح ذو حدين، الحد الفعال الإيجابي الذي يسهم في بناء المجتمع وتنمية حضارته والسعي للحفاظ على قيمه وتراثه, والحد السلبي المدمّر الذي يؤدي إلى تحطيم عقول الأفراد وقدارتهم وكياناتهم وتجريدهم من المبادئ والأخلاق. وبالرغم من التوسع والانتشار التعليمي وتحسن نوعيته وتحديث طرقه واستراتيجياته وأساليبه إلا أن آثار الإعلام اتسعت وتعمقت في مختلف القطاعات والمستويات والمجالات لما يملكه من وسائل وتطبيقات اجتماعية شديدة الانتشار وسريعة الاتصال بلغت مستويات وآفاقًا بعيدة في فعالية الأثر وقوة الإقناع وبتالي القدرة الكبيرة على توجيه الأفكار والآراء نحو قضية من القضايا. إن الحلقة المفقودة بين التربية والإعلام وتبادل الاتهامات بين التربويين والإعلاميين وإلقاء اللوم على أي منهما وعلى من تقع المسؤولية أدى إلى الانفصال والتباعد والتنافر بالرغم من أن هدفهما واحد. لذلك فإننا نجد من الأهمية بمكان أن تكون المؤسسة التعليمية التي تعد الرافد المهم لتخريج الأجيال والقادة في المجتمع بالإضافة إلى المساحات التي يحتلها الإعلام وما يحمله من رسائل ومعلومات وما يقوم به من أدوار مؤثرة ووظائف تربوية في تشكيل مواقف واتجاهات الإنسان وبناء شخصيته, فقد أصبح إلزاما على المدرسة والمؤسسة التربوية التحكم في التدفق المعلوماتي لمختلف المجالات التعليمية، والاقتصادية، والاجتماعية لتمكين هذه الأجيال من التعايش والتأقلم مع الجديد من التقدم المذهل والتقنيات الحديثة التي تأتي تباعاً في هذا العصر لتكون المؤسسة التعليمية متوائمة مع ما يحدث في العالم من تقدم وتطور، وذلك بتفعيل دور الإعلام التربوي وبرامجها في التربية الإعلامية لتأخذ دورها التثقيفي التوعوي ضمن النشاطات التربوية الأساسية لبلوغ أهدافها وغاياتها المنشودة المتمثلة في تكوين إنسان مندمج في مجتمعه ومنضبط وفق قيمه وقوانينه ووطنيته ومنفتح على العالم.