أضحت وسائل الإعلام والاتصال ووسائطهما ضرورة لا غنى عنها للفرد والمجتمع والحكومات والأنظمة على اختلاف تنوعاتها وأيديولوجياتها وفلسفاتها في أنحاء العالم كافة, حتى أنه بات من المعتذر تصور وجود استمرار قطاعات كثيرة في الحياة من دون وجود الإعلام والاتصال, وذلك يأتي نتيجة لتعاظم دور الإعلام والاتصال في حياة الفرد والمجتمعات في الحياة المعاصرة, وتعدد وظائف وسائل الإعلام والاتصال ووسائطهما, وعمق تأثيرها, وتنوع الخدمات التي تقدمها. ولاشك في أن العلاقة بين الإعلام والتنمية أصبحت واضحة للعالم المعاصر فلقد أصبح الإعلام عاملاً حاسماً من عوامل التنمية الحقيقية في مختلف أنحاء العالم, كما تحتل نشاطات الإعلام مكانة كبيرة في اقتصادات العالم, ويبرز ذلك من خلال قدرة الإعلام على رفع مكانة المجتمع أو الإضرار به. وعليه فإن الإعلام التنموي الهادف أصبح المورد الذي يتوقف عليه بقية الموارد والمسؤول الأكبر في تفوق البلدان المتقدمة, وأن الاهتمام بجدية بالغة بهذا النوع من الإعلام سيسهم بقسط وافر في تنمية المجتمع وتطويره, حيث من المسلم به أنه بدون وسائل الإعلام المتعددة لا سبيل إلى التطور والتقدم الاقتصادي والاجتماعي. وتتنوع الأشكال الاتصالية والرسائل الإعلامية التي يمكن استخدامها لتفعيل البرامج التنموية, كما أن هناك العديد من الأدوات الفاعلة في هذا المجال وتبدو الوظائف الإعلامية المعاصرة ذات صله وثيقة بنجاح البرامج التنموية. ولتحقيق الكفاءة الإعلامية في مجال التنمية فإن التخطيط الإعلامي التنموي يكون حتميا في هذا المجال, فضلاً عن ضرورة تكامل وسائل الإعلام مع بعضها البعض ومع المؤسسات والمنظمات التربوية أو التعليمية وغيرها التي يمكن أن تساهم بفاعلية في مجالات الإعلام والتنمية. بل إن نصيب الجيل الحالي من تأثيرات وسائل الإعلام في تكوين ثقافته, وتحديد أنماط سلوكه, وإكسابه المفاهيم والقيم والعادات والاتجاهات, قد تزايد كثيراً في ظل تقدم تقنية الاتصالات والمعلومات, وهذا يتطلب توظيف وتعاون وسائل الإعلام في خدمة الأغراض التربوية المحددة, وتوظيف التربية في تفعيل الرسائل الإعلامية. ولذلك فإننا نجد من الأهمية بمكان أن تكون المؤسسة التعليمية التي تعتبر الرافد الهام لتخريج الأجيال والقادة في المجتمع بالإضافة إلى المساحات التي يحتلها الإعلام وما يحمله من رسائل ومعلومات وما يقوم به من أدوار مؤثرة ووظائف تربوية في تشكيل مواقف واتجاهات الإنسان وبناء شخصيته, فقد أصبح إلزاما على المدرسة والمؤسسة التربوية التحكم في التدفق المعلوماتي لمختلف المجالات التعليمية، والاقتصادية، والاجتماعية لتمكين هذه الأجيال من التعايش والتأقلم مع الجديد من التقدم المذهل والتقنيات الحديثة التي تأتي تباعاً في هذا العصر لتكون المؤسسة التعليمية متوائمة مع ما يحدث في العالم من تقدم وتطور وذلك بإدخال العملية الإعلامية وتقنيات الاتصال ضمن النشاطات التربوية الأساسية لبلوغ أهدافها وغاياتها المنشودة المتمثلة في تكوين إنسان مندمج في مجتمعه ومنضبط وفق قيمه وقوانينه ووطنيته ومتفتح على العالم.