في ظل التطورات التي تسعى إليها المملكة العربية السعودية في تعزيز الجانب السياحي والتراثي لجعل المملكة وجهة سياحية مليئة بالعبق والأصالة، تعد الدرعيّة موقعاً تاريخياً مهماً، كونها عاصمة الدولة السعودية الأولى التي تعد المملكة اليوم امتداداً لها، لذلك تفضل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - بوضع حجر الأساس لمشروع بوابة الدرعية وهذا يمثل انطلاقة حقيقية لعدد من المشروعات التي سيكون لها تأثير ملموس وحيّ في واقع مجريات الحياة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والعمرانية للوطن والمواطن، ليكون مصدرًا من مصادر الدخل المعتد بها للاقتصاد الوطني، فالخطط الطموحة التي أعلن عنها المشروع تؤكد على الطابع الاقتصادي له، بحيث يتطلع الجميع أن يكون مقصداً سياحيًّا عالميًّا ذا سمعة مرموقة، ليكون داعمًا أساسيًّا لبقية المشروعات السياحية التي تهدف إلى جعل منطقة الرياض ضمن المناطق السياحية المفضلة عالميًّا، إذ أن صناعة السياحة من أهم النشاطات الاقتصادية بل أسرعها نموًّا على المستوى العالمي، وتساوي في حجمها ما يزيد على ثلث تجارة الخدمات في العالم، وهذا المشروع يدخل ضمن تصنيف السياحة التراثية الموجهة نحو الثقافة والتاريخ من أجل الاطلاع على الآثار والحضارات البشرية في الماضي والحاضر، وسيكون له تأثير بارز في تطوير ورُقي المستوى الثقافي للمجتمع بفعل التبادل الثقافي الذي سيتيحه هذا المشروع بين المواطن والسائح العالمي، وهذا التأثير سيكون من الجانبين بحيث سينقل لزوار المملكة من السياح الصورة الحقيقية والناصعة للمجتمع السعودي. رصد المعالم ويعد مشروع الدرعية مشروعًا رائدًا وغير مسبوق في تطوير كامل لموقع الدرعية، فضلاً عن دعمها السابق لعدد من الأعمال المتعلقة بها ومنها التعاون مع الهيئة الملكية لتطوير مدينة الرياض، وهيئة تطوير بوابة الدرعية، في إعداد ملف حي الطّريف بالدرعية، ليدخل ضمن قائمة مواقع التراث العالمي باليونسكو في العام 1431ه، بتوثيقها لتاريخ الحي ومراجعة كل ما ورد عنه في المصادر عبر تاريخه، وقام مركز توثيق تاريخ الدرعية برصد كل تلك المعالم بالكلمة والصورة في إطار مسح وجمع المصادر التاريخية من الصور الفوتوغرافية والخرائط المرسومة عبر تاريخ الدرعية التي رسمها زوارها من الرحّالة الغرب، والروايات الشفهية، والوصوفات المدونة في الكتب المختلفة وصياغة العناصر الأساسية للمحتوى المعرفي التاريخي لعدد من المتاحف في الطريف، مثل متحف الحياة الاجتماعية، ومتحف قصر سلوى، ومتحف بيت المال، وكذلك متحف الزراعة، ومتحف بيت العرضة السعودية، والمتحف الحربي، وهذا المشروع سيشكل دعمًا للعملية التنموية الكبرى في ظل رؤية المملكة 2030 التي أقرها خادم الحرمين الشريفين ويقوم على تنفيذها وتوجيه مساراتها المتكاملة سمو ولي عهده الأمين - حفظهما الله - التي نستبشر بها جميعًا كمنطلق لمجتمع عصري راقٍ، ودولة تجمع الأصالة والحديث في اللحظة نفسها، ما يعزز الانتماء ويقوي من هويتنا الوطنية، وتضم منطقة الدرعية مجموعة من المواقع التراثية. بناء وتعزيز وتخطط هيئة تطوير بوابة الدرعية لبناء واحد من أكبر المتاحف الإسلامية في العالم، كما تعمل على جعل منطقة الدرعية واحدة من الوجهات الأولى في المنطقة لاحتضان أنشطة تبادل المعرفة التاريخية والثقافية، وسوف تتألق الدرعية "جوهرة المملكة" وتبقى ساطعة إلى الأبد، باعتبارها واحدة من أعظم أماكن التجمعات في العالم وموطناً للأمة السعودية، وكل هذه الجهود من أجل إظهار وإبراز الاحتفاء بالثقافة السعودية وبالتراث الغني المتنوع الذي يزخر به تاريخ المملكة، وتهدف جهود هيئة تطوير بوابة الدرعية إلى تشجيع المجتمع المحلي للدرعية من خلال الحفاظ على تقاليد الأجيال الماضية، وصون تاريخ المملكة في مكان فريد للأجيال القادمة. ومن أبرز مهام هيئة تطوير بوابة الدرعية هي حفظ وصون الموقع التاريخي العظيم وخدمة المجتمع المحلي وبناء وتعزيز مستقبل الدرعية وتطويرها وإبرازها كمركز للأنشطة المجتمعية والثقافية، إلى جانب تعزيز مكانتها كوجهة سياحية دولية رائدة لتكون من أهم أماكن التجمعات السياحية في العالم من خلال تقديم الفن والموسيقى والأزياء والترفيه للضيوف من جميع الأعمار، وترتكز عملية التطوير التي يتبعها هيئة تطوير بوابة الدرعية على خدمة المجتمع المحلي في الدرعية من خلال العديد من المبادرات في إطار برنامج "ثقافتنا" الذي يهدف إلى تبني نظام لإلهام وتمكين الشباب ليصبحوا قادة الغد. مشروع ضخم وبيّنت هيئة تطوير بوابة الدرعية أن الدرعية تمثل مشروعا ضخما بقيمة 64 مليون ريال سعودي، ويهدف إلى بناء مُجتمع حضاري تقليدي متعدد الاستخدامات يحتفي بالتاريخ الثقافي العريق للمملكة العربية السعودية، وستتحول الدرعية إلى وجهة ثقافية وتراثية جديدة في منطقة نجد التاريخية، على مساحة سبعة كيلومترات مربعة. ويقع مشروع الدرعية بالقرب من حي الطريف التاريخي المُدرج على لائحة اليونسكو لمواقع التراث العالمي، ومن المتوقع أن تغدو الدرعية وجهة رائعة ومثالية تدمج بين تجارب الزوار والاستكشاف والتسوق وتناول الأطعمة والترفية والعيش والعمل في أن واحد. وأشارت الهيئة إلى أنه من المتوقع أن يصل عدد سكان بوابة الدرعية إلى أكثر من 100 ألف نسمة بما يشمل الموظفين وخبراء الضيافة والتجزئة والقاطنين والطلاب، بالإضافة إلى زوار مراكز التسوق ووجهات الضيافة والتجزئة، مؤكدةً على أنها تطمح إلى اجتذاب نحو 25 إلى 30 مليون زائر سنوياً، وستتضمن بوابة الدرعية أكثر من 100 مطعم تقدم أرقى المأكولات المحلية والعالمية ضمن مجموعة متنوعة من الأجواء والمساحات الحضارية قرب وادي حنيفة، وخمس ساحات مميزة توفر أماكن للتجمع والاحتفالات، ومسارات للمشي على مسافة ثلاثة كيلومترات تطل على وادي حنيفة وحي الطريف. مجموعة متاحف وأوضحت الهيئة أن الدرعية ستحتضن مجموعة متنوعة من المتاحف التي تتيح للزوار التفاعل مع العديد من التجارب الممتعة التي تقدم فرصة مثالية للاحتفال بإنجازات الملوك واكتشاف القصص الملهمة التي شكلت تاريخ الدرعية، ذاكرةً أنه ستضم منطقة الدرعية خمس أكاديميات تقدم عدة تخصصات محلية من بينها الخط العربي والفنون الإسلامية والهندسة المعمارية النجدية والمباني الطينية ومهارات المطبخ النجدي والمسرح والموسيقى العربية وغيرها، وأكثر من 20 فندقا عالميا يوفر 3100 غرفة فندقية فاخرة و3000 مسكن تمزج بين أفضل وسائل الراحة الحديثة، ومساحات عمل ومكاتب تجارية توفر مستويات منقطعة النظير من الراحة للموظفين والمهنيين والمتخصصين والمبدعين المتواجدين ضمن بوابة الدرعية، وثلاث مدارس تغطي جميع المراحل الدراسية تتبع المناهج السعودية والدولية وعدة مراكز للتعليم المبكر لرياض الأطفال. عائد كبير وتحدثت ريم محمد أسعد - كاتبة اقتصادية - قائلةً: إن السياحة وقطاع الرياضة من أهم القطاعات التي تساعد على انكماش البطالة بمعدل سريع ونطاق واسع؛ ولأنها لا تتطلب فقط أعداداً واسعة من القوى البشرية بل تتطلب عدة مهارات في مجالات كثيرة مثل مجال الخبرة في السياحة، والفندقة، ومجال المحاسبة، والصحة، والطهي والتنظيم، وإدارة المشاريع، والهندسة، كل هذه مجرد أمثلة على القطاعات التي يتطلبها قطاع السياحة لإنجاحه، مضيفة أنه من جهة توجد فوائد اقتصادية جمة بالنسبة للمملكة، فهي ثرية بموارد لا تعد ولا تحصى؛ حيث لدينا الجغرافيا المناسبة، وثلاثة مواقع بحرية رئيسة وقوى بشرية، وكنا سابقاً نعاني من البطالة أمّا الآن قطاعات السياحة والرياضة والخدمات المساندة أتوقع ألا يصبح هناك بطالة لو خططنا جيداً، ومن جهة أخرى تضعنا في مصاف الوجهات العالمية، فينظر إلينا العالم بشكل أكبر أكثر من ذي قبل، بشكل نتطلع فيه أن يصلوا لنا لا أن نذهب للسياحة إليهم، فهم يريدون القدوم للاكتشاف والتجربة والاستمتاع في الأراضي السعودية، مشيرةً إلى أنه قديماً كانت الزيارة دينية فقط، أما الآن فهي دينية وترفيهية وأعتقد بعد هذه المواسم سيكون لدينا خبرة تراكمية ومعرفية في إدارة السياحة في هذه البلاد. وأوضحت أن العائد الاقتصادي كبير وضخم ويحتاج إلى تدقيق فتوقعاتنا من عامنا هذا أن يكون الدخل السياحي في البداية بالسالب، لكن بحلول 2022 سيكون هناك نقطة تعادل وبعدها نبدأ بالمدخول الإيجابي لمدة عشر سنوات، مؤكدةً على أن قطاع السياحة هو قطاع شامل ومنوع ويتطلب مجهودات بشرية وقوى عاملة وأعدادا ضخمة ذلك إلى جانب الاستثمار المالي في القطاع، ومن خلال عملية البناء هذه يصبح لدينا قطاع متكامل بخبرة تراكمية عادةً ما تتطلب سنوات طويلة لتكتمل ليصبح القطاع بعدها ناضجا وناجحا ويحقق عوائد اقتصادية على المدى الطويل، ليتولد لدينا جيل كامل وخبير فالمسألة تحتاج إلى وقت ومجهود صادق وليس لدي شك في أن هذا سيصبح واقعا لكن يجب أن نكون مثابرين وصابرين وتوقعاتنا واقعية. بوابة الدرعية ستعمل على إظهار التراث السعودي أمام الزائر والسائح مشروع ضخم سيكون في صالح اقتصاد الوطن