هناك جهود واضحة في المملكة فيما يخص الاهتمام بحقوق الأفراد ذوي الإعاقة، وذلك من خلال سن قوانين وتشريعات تحفظ جميع حقوقهم، وتسعى كذلك لتقديم الخدمات التي من شأنها إعانة الأفراد ذوي الإعاقة على الوصول إلى الاستقلالية والتكيف. ومن الجهود البارزة التي توضح اهتمام المملكة بمجال التربية الخاصة، افتتاح أول قسم تربية خاصة في العالم العربي يُعنى بتأهيل الكوادر المتخصصة في جامعة الملك سعود. وعند المقارنة بين التربية الخاصة في المملكة ونظيرتها الولاياتالمتحدة الأميركية التي تعتبر نموذجاً في مجال التربية الخاصة المعاصرة، نجد أن هناك جهودا مميزة ومقاربة لنظيرتها من حيث القوانين والتشريعات، ولكن يجدر بنا الإشارة بأن هناك تباين من حيث تطبيق تلك القوانين وتفعيلها بشكل الصحيح في واقعنا، حيث تتميز المدرسة الأميركية بترجمة تلك القوانين على أرض الواقع، وتقديم خدمات أحدث الخدمات المستمدة من البحث العلمي، وتحديث تلك القوانين بشكل دوري، وتتميز كذلك بكفاءة الدور الرقابي، ووجود مرجعية لأسر الأفراد ذوي الإعاقة تعنى بحقوقهم وقضاياهم. وفي ضوء الحراك الإصلاحي والتنموي التي تعيشه المملكة حالياً في كافة الأصعدة، وما لديها من رؤية واضحة وطموحة نحو سن القوانين والتشريعات الحديثة، والتي بلا شك سوف تلقي بظلالها على مجال التربية الخاصة، ويكون لها نصيب من ذلك التطوير والتجويد. حيث نأمل من مراكز القرار بأن تأخذ بعين الاعتبار تجارب الدول المتقدمة في مجال التربية الخاصة المعاصرة، كتجارب نموذجية فيما يتعلق بسن وتفعيل القوانين والتشريعات الخاصة للأفراد ذوي الإعاقة في جميع الأصعدة والمجالات ذات العلاقة، حيث مراجعة الإرث التاريخي لتلك الدول يوفر الكثير من الجهد والوقت ونبتعد كذلك من الوقوع بالممارسات الخاطئة. ومن جهة أخرى يعتبر إشراك القطاع الخاص في القيام بمهامه، وذلك من خلال تقديم خدمات التعليم والتأهيل والتوظيف والصحة وغيرها في غاية الأهمية التي تساهم في تجويد وحوكمة الخدمات. وكذلك تفعيل دور الجمعيات الخيرية والتي لها أهمية بارزة في الدول المتقدمة والمميزة في المجال، حيث نشهد توسع في هذا الجانب حالياً، من خلال إنشاء العديد من الجمعيات، وآمل أن يكون لتلك الجمعيات دور ناجح وفعال في كل ما يتعلق بتقديم خدمات مميزة من جميع النواحي، وذلك من خلال وضع خطط استراتيجية لكل جمعية والعمل على تحقيقها. والاستفادة من اللوائح التنظيمية للتربية الخاصة، وما يتوفر من قوانين وتشريعات لدينا، وتطويرها بشكل دوري، وتفعيلها بالشكل الصحيح على أرض الواقع. وختاماً، اقترح تصوراً قد يساهم في حوكمة وتحسين واقع القوانين والتشريعات في وطننا الغالي، مما يجعلها تنافس الدول المتقدمة في هذا المجال، حيث يحتوي المقترح على حزمة من التوصيات، ومنها: (تحويل اللوائح التنظيمية إلى قوانين رسمية، وكذلك تفعيل دور القضاء وتعميم الأحكام القضائية لتصبح قوانين عامة، العمل على إنشاء مركز يهتم بالقياس والتشخيص، وكذلك تطوير المجال الصحي وتجويد وتحسين القوانين ذات العلاقة، ودعم حقوق الأفراد ذوي الإعاقة في التوظيف، وحث وسائل الإعلام الحديث على تقديم برامج تهتم بحقوق الأفراد ذوي الإعاقة وقضاياهم، والمساهمة بنشر كافة القوانين المتعلقة بهم، وأخيراً تطوير خدمات النقل البري والبحري والجوي على مستوى الدولة).