نال سوق العمل السعودي اهتماماً كبيراً من رؤية المملكة 2030، التي استشعرت معالجة سلبيات ومخالفات كثيرة، ترسخت في هذه السوق منذ عقود مضت، ونتج عنها تجاوزات بالجملة، ليس أولها عمليات التستر على عمال وافدين، أضروا بالاقتصاد الوطني وكبدوا البلاد خسائر فادحة، وليس آخرها السعودة الوهمية، التي أعلت من مكانة العمالة الوافدة على حساب العمالة الوطنية. اليوم تُحقق الرؤية ما وعدت به في ملف علاج البطالة، بأسلوب علمي مدروس، وخطوات مُتدرجة، تؤكد أن جميع تطلعات الرؤية في طريقها أن تصبح أمراً واقعاً، بحسب الجدول المعد سلفاً، وبقدر العزيمة والإصرار اللتين يتمتع بهما كل من يقف خلف هذه الرؤية. وعدت الرؤية على لسان مهندسها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، بخفض نسبة البطالة في المملكة من نسبة تلامس 13 % عند الإعلان عن الرؤية في منتصف 2016، إلى 7 % بحلول 2030، وطمأنت الرؤية الجميع بأن لديها الأدوات والبرامج التي ستخلق الوظائف للمواطنين منذ أواخر عام 2018، هذه الوعود بدت وكأنها مهمة شاقة، تحتاج إلى مجهود كبير، وترتيبات وتجهيزات تعيد ترتيب سوق العمل، وتنقيه من سلبيات الماضي، ويبدو أن الوعود بدأت تتحقق على أرض الواقع، فالأرقام الواردة من هيئة الإحصاء، تشير إلى تناقص ملحوظ في نسبة البطالة، بدأ من الربع الثاني من العام 2018 (12.9 %) والربع الثالث (12.8 %)، ثم الربع الأخير (12.7 %)، وفي الربع الأول من عام 2019 تراجعت النسبة إلى (12.5 %) والربع الثاني (12.3 %) وصولاً إلى الربع الثالث من العام نفسه الذي هبطت فيه النسبة إلى 12 %. ووفقاً للبيانات، انخفض معدل البطالة لإجمالي السكان (15 سنة فأكثر) إلى 5.5 %، في الربع الثالث من 2019، مقارنة ب 5.6 % في الربع الذي سبقه، وبلغ معدل البطالة بين الذكور 2.5 % وبين الإناث 20.7 %. علاج البطالة تحت مظلة الرؤية، مختلف تماماً عن علاجها في مراحل سابقة، وإذا لم يكن علاج الماضي كافياً، وتخللته أخطاء كثيرة في التشريع والتنفيذ، فعلاج الرؤية واضح وحازم في توطين الوظائف، بداية من تجديد الثقة في قدرات العمالة الوطنية، مروراً بالارتقاء والنهوض بمستواهم عبر التدريب والتأهيل، وانتهاءً بتولي القيادة في الكثير من القطاعات الوظيفية، وثمار ذلك نراه أمام أعيننا اليوم، بالاعتماد على العمالة الوطنية في الكثير من القطاعات، خاصة أن ولي العهد أعلن منذ البداية أن أبناء الوطن هم الذين سينفذون بسواعدهم متطلبات الرؤية، وأكد أيضاً أن المرحلة المقبلة تحتاج إلى شباب يتصف بالقدرة على الإبداع والابتكار.