يُحسب للقائمين على هذا الحلم، بل «العرس» الإعلامي السعودي الكبير، ريادة استقبال أكثر من ألف إعلامي حضر من مختلف دول العالم كأول حدث إعلامي بهذا الحجم تنظمه المملكة، وبحشد مميز بارز ومؤثر في مجال الإعلام ومستقبله.. حتى وإن تأخر «النجاح» فذلك لا يعني عدم قدومه أبداً، وأعتقد أن تأخري في كتابة هذا المقال يتماهى مع تأخر «المنتدى الإعلامي السعودي» كثيراً؛ وأن تبدأ متأخرًا خير من ألا تبدأ، وأن تأتي متأخرًا خير من ألا تأتي أبدًا! ابتهج السعوديون من إعلاميين وكُتّاب ومتخصصين ومهتمين في إقامة «منتدى الإعلام السعودي» وتحويل أمنيتهم إلى واقع مقام على أرض عاصمة الإعلام العربي «الرياض» العامرة، بعدما كانوا يشدّون رحالهم دومًا إلى كثير من المنتديات والمؤتمرات والفعاليات الإعلامية العربية! بالطبع وقع الاختيار على عقد المنتدى بالرياض لأنها مركز صناعة القرار السياسي والاقتصادي في دولة محوريّة بمنطقة الشرق الأوسط، ولما تمثله كعاصمة رمزية للقيم الروحية والأخلاقية في العالم العربي والإسلامي، كما أنها تجمع لأكبر سوق إعلاميّة وإعلانيّة في المنطقة؛ وللمتابع جيداً وعبر تاريخها الإعلامي يجد أن «السعودية» دولة مؤثرة في الإعلام العربي، انطلق من رأس مالها «ميكنة» إعلاميّة وطاقات هائلة لم تؤت أكلها حتى الآن؛ فقد خرج من رحم إعلامها صحيف كبرى، وقنوات فضائية الكبرى.. وخرج أيضًا من تحت عباءتها قيادات إعلامية عربية كبيرة! الإعلام اليوم، وكما يراه الكثير من أربابه، لم يعد قوةً ناعمة فحسب، بل أصبح الآن قوة «خارقة»، وذراعاً قوية للدفاع عن مقدرات ومصالح أعتى الدول لخدمة سياساتها واتجاهاتها واستعداداتها وقضاياها وصورتها حتى مستقبلها وأكثر! ومنه عُقد «المنتدى» على مدى يومين فقط، ناقش فيها تجارب للإعلام العابر للقارات وكثيرًا من القضايا والمحاور والموضوعات المستجدة، التي تُقارب التطورات والتحولات التي طالت وسائل التواصل والاتصال، والاستخدامات العالميّة لمحتوى الإعلام كوسيلة تأثير وقوة ناعمة، وتحديات الصناعة الإعلاميّة وشبكات التواصل الاجتماعي، طرزتها جلسات عمل رئيسة، وحلقات نقاش نوعيّة متخصصة، بعرض تجارب عالميّة في كيفية مواجهة هذه التحديات والتأقلم مع المتغيرات في الصناعة الإعلامية، استقطب فيها عدداً من الخبراء والإعلاميين الدوليين والعرب والسعوديين القادرين على تقديم محتوى وأفكار خلاّقة في التجارب الإعلامية، ووزراء ودبلوماسيين استعرضوا الجانب الرسمي وتعامله مع وسائل الإعلام ومتطلباتها. وتحت شعار المنتدى الأنيق.. «صناعة الإعلام.. الفرص والتحديات»، برزت كثير من المبادرات والنقاشات التي تتناغم مع طبيعة النقلة النوعية الكبرى التي يشهدها إعلامنا السعودي والعربي والعالمي؛ لتكون صناعة الإعلام اليوم فضاءات مفتوحة عابرة لا تقبل أنصاف الحلول لكل الأفكار والقيم والثقافات فضلًا عن المسافات والحدود واللغات.. بل لم تعد حتى تتشكل في إطارات وقوالب محلية ومحدودة فقط! يُحسب للقائمين على هذا الحلم، بل «العرس» الإعلامي السعودي الكبير، ريادة استقبال أكثر من ألف إعلامي حضر من مختلف دول العالم كأول حدث إعلامي بهذا الحجم تنظمه المملكة، وبحشد مميز بارز ومؤثر في مجال الإعلام ومستقبله، وبموضوعات ومحاور مهمة تتناسب مع طبيعة وظروف المرحلة الراهنة، وكذلك في تبني هذه الفكرة وتحويلها إلى واقع ضروريّ وحاجة ملّحة نتطلع لها منذ وقت بعيد بعدما كانت كل الفعاليات الإعلامية التي تتم لدينا تتسم بالمحدودية والخطاب المحلي فقط. بقي في آخر منعطف جماليّ في «المنتدى»، أن ممّن عملوا خلف المشروع كانوا نماذج «سعودية» مميزة في الإخلاص والتنفيذ والإشراف، وقفوا بمهنية وباحترافية الأوطان؛ فوجب شكرهم بدءاً من «هيئة الصحفيين السعوديين» وأعضائها الأفاضل، بقيادة مهندس المنتدى وأنيقه محمد فهد الحارثي، وفريقه «السعودي» الاستثنائي الخالص الذي يدعوك للفخر والزهو بهم وأكثر؛ لمسنا منهم عملاً احترافيًا مميزًا خالصًا، بثقافة تنظيمية زاهرة بمكانة المملكة التي تليق بها، راسمة وميض عطر عاصمة الإعلام العربي «الرياض» والتي صافحت ضيوف «عُرسها» الإعلامي بحميميّة لا تطمس أو تذوب؛ لنستلّ منها بهجةَ فخر النجاحات التي لا تنتهي!