ينظر الخبراء الدوليون بتفاؤل لتولي المملكة رسمياً، رئاسة مجموعة العشرين، حيث تعتبر الرياض العاصمة العربية الأولى التي ستستضيف هذه القمة المحورية التي تعالج أهم القضايا الدولية وما يرتبط بها من أزمات مستحدثة مثل الأزمات الطبيعية والاقتصادية. وقالت الاقتصادية كورنيلا ماير، المستشارة في المنتدى الاقتصادي العالمي: إن استضافة الرياض قمة مجموعة العشرين في وقت تفعّل فيه المملكة كافة أدوات التطوير والتحديث للنهوض بمجتمعها، تعطي المجتمع الدولي فرصة إضافية للنظر من جانب مختلف للكثير من الأزمات الدولية التي تتعزز مع مرور الوقت مثل مشكلات التغير المناخي والحروب التجارية والاقتصادية، حيث تضع المكانة الاقتصادية للمملكة وموقعها الاستراتيجي وثقلها الإقليمي والعالمي إسلامياً على خارطة الدول القادرة على التدخل لإيجاد حلول فعالة مع منح العالم فرصة مختلفة ومنصة جديدة للعالم للتقارب لحل هذه المشكلات. وتضيف ماير: العالم يتغيّر ونشهد اليوم انكفاء أميركياً عن لعب الولاياتالمتحدة لأدوارها كالسابق، فنرى إدارة ترمب تنسحب من قمة المناخ التي هي تحدٍ عالمي مع تراجع أميركي في الرغبة بالتدخل لحل أهم التحديات العالمية، كما نشهد بروز تحالفات جديدة خاصة على الصعيد الاقتصادي، وفي هذا الوقت يبرز دور دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ودول آسيا المؤثرة لتأخذ خطوة كبيرة باتجاه التأثير السياسي والاقتصادي في العالم، فأميركا ونظامها السياسي والاتجاه الذي تذهب إليه سياساتها لن تلعب بعد اليوم دوراً كبيراً في قيادة العالم ورسم خرائط الطريق في الملفات الأكثر تأثيراً سواء تحديات مكافحة الإرهاب العالمي أو التحديات الاقتصادية أو المناخية أو تحقيق أهداف تعزيز دور المرأة وبالتالي دول صاعدة اقتصادياً وذات طموح بالتأثير الدولي كالمملكة العربية السعودية تتحمل على عاتقها اليوم مسؤوليات كبرى في إقليمها وعلى الصعيد العالمي وقد يكون لهذه الأدوار الجديدة التي ستلعبها مردود كبير من المكاسب الجيوسياسية والاقتصادية. وتفيد ماير بأن معالم هذا الدور السعودي العالمي الذي سنشهده في المستقبل يتعزز اليوم بالإعلان عن استضافة الرياض قمة مجموعة العشرين، بينما بدأنا نرى بوادره منذ مؤتمر الاستثمار للمستقبل للعام 2019، معتبرةً التعاون الاقتصادي الهندي - السعودي الكبير الذي أعلن عنه وزير الخارجية مودي نقطة تحول عالمية مهمة في التكتلات السياسية الاقتصادية التي سيشهدها العالم في الحقبة المقبلة، لدور المملكة الاقتصادي والسياسي وبروز الهند في السنوات الأخيرة كواحد من أكثر الاقتصادات العالمية نمواً وتأثيراً وابتكاراً في مجالات رائدة مثل التكنولوجيا. وتقول ماير: أهمية قمة مجموعة العشرين - وهي واحد من أهم الأحداث العالمية السنوية - لا تأتي فقط من كونها تجمع الدول العشرين الأكثر تأثيراً في العالم، بل لأنها عادة ما تستقطب أيضاً أنظار أهم المنظمات العالمية التي تصيغ شكل الخطط الزراعية والغذائية والمناخية والمالية والصحية لمستقبل العالم برمته، وبالتالي هي فرصة للمملكة لتستعرض قدراتها على التأثير والإسهام في هذه المجالات سواء من خلال قطاعها العام كدولة أو من خلال مؤسسات القطاع الخاص السعودية التي تنمو وتعزز اهتمامها في هذه المجالات. من جانبه يقول الباحث والأستاذ في جامعة هارفرد الأميركية ماجد رافيزاده ل»الرياض»: إن صعود الدور العالمي للمملكة ووضع الثقة بمكانتها لحل تحديات عالمية جديدة يدلان على نجاح التغيير في المملكة ورؤية ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان في الحصول على دعم المجتمع الدولي وخاصة من الجهات الفاعلة في الحكومات الدولية المؤثرة، حيث تلفت المملكة اليوم الأنظار بقيادتها لواحد من أكبر برامج التغيير في المنطقة والعالم التي تدرس في المراكز البحثية والجامعات الكبرى كرؤية تحوّل تثبت إيجابية الاعتماد على القوة الناعمة مثل تفعيل دور المرأة وتمكين الشباب والاعتماد على الجوانب الرقمية والوسائل الحديثة في القطاعات الاقتصادية والعسكرية، وذلك بالتزامن مع حملة لمكافحة الفساد وتفشي الإرهاب والتطرف محلياً وإقليمياً ودولياً. كورنيلا ماير