تشهد أوساط الصناعة النفطية رواجاً كبيراً للحلول المقترحة التي يمكن من خلالها تقديم المزيد من الدعم لقطاع النفط العالمي الذي يعاني من وطأة الضغوط التي حدّت من تعافي مؤشرات الأسعار منذ الخامس من أغسطس الماضي، حيث ظلّت أسعار خام الإشارة برنت تدور في غالبها ضمن نطاق 58 – 60 دولاراً للبرميل، باستثناء الأسبوع الثالث من تداولات أسواق النفط لشهر سبتمبر الماضي الذي عكس تبعات الهجوم الإرهابي على المرافق النفطية بالمملكة، حيث قفز خام الإشارة برنت 8 دولارات صعوداً من 60 إلى 68 دولاراً، إلا أنه إلى الآن لا تزال الرؤية غير واضحة تماماً فيما يخصّ الإجراءات التي ربما تقدم عليها OPEC برفقة المنتجين المستقلين من خارجها باستثناء التصريحات التي تتلقاها الأسواق النفطية من أمين عام منظمة OPEC محمد باركيندو التي تؤكد التزام المنظمة والمنتجين الآخرين الحلفاء من خارجها بالحفاظ على استقرار الأسواق النفطية، الأمر الذي يجعل كل الخيارات المتوقعة مطروحة وقابلة للنقاش لكنها غير مؤكدة إلى الآن. التوجّه نحو تعميق الخفض في الإنتاج المعمول به حالياً من قبل OPEC والمنتجين المستقلين وتعديل مجموع الخفض السابق الذي يبلغ 1.2 مليون برميل يومياً قد يكون مستبعداً إلى حدٍ ما من قائمة الحلول إن أقدمت OPEC فعلاً على أي إجراءات خلال الاجتماع المقبل في ديسمبر القادم؛ لأسباب عدّة من أهمها أن قرار التعميق في الاتفاق قد لا يقدّم جديداً لأسواق النفط، فالعمل بالتعميق في الإنتاج النفطي بأكثر من 1.2 مليون برميل يومياً يجري العمل به حالياً من قبل الأعضاء في الاتفاق منذ 8 أشهر مضت أي الفترة (مارس – سبتمبر) للعام الجاري، ففي شهر مارس الماضي بلغ مجموع خفض الإنتاج لدول الاتفاق 1.6 مليون برميل يومياً وأبريل 1.7 مليون برميل يومياً كذلك مايو، أما يونيو فبلغ مجموع خفض الدول الأعضاء قرابة 1.9 مليون برميل يومياً ويوليو 2.03 مليون برميل يومياً وأغسطس 1.6 مليون برميل يومياً وأخيراً سبتمبر عند 3 ملايين برميل يومياً، أي بزيادة عن الخفض المتفق عليه في الربع الأول من العام بقرابة النصف مليون برميل يومياً والربع الثاني ب1.7 مليون برميل يومياً والربع الثالث بما يقارب 3 ملايين برميل يومياً، أي بمجموع خفض مفترض وفق اتفاق OPEC+ للفترة (يناير – سبتمبر) عند 10.8 مليون برميل يومياً يقابله خفض فعلي لذات الفترة عند 15.7 مليون برميل يومياً، وبذلك يتضّح أن أسواق النفط قد لا تكون في حاجّة لتعديل قرار خفض الإنتاج الذي تم بدء العمل به مطلع العام الجاري 2019م وإنما تحسين مستويات الامتثال من قبل المنتجين الأعضاء في OPEC+ لرفع امتثالهم بالاتفاق الطوعي، حيث أن الاتفاق فقدَ خلال الفترة (يناير – سبتمبر) من العام الجاري 6.8 مليون برميل يومياً، وهي طاقة إنتاجية ستكون بطبيعة الحال في جانب تعزيز الفوائض النفطية بالأسواق، وهذه الطاقة الإنتاجية المفقودة من الاتفاق قادمة من الدول التي لم تسجّل تحسّناً في الامتثال وهي (العراق – روسيا – نيجيريا – السودان – ماليزيا – عُمان)، وقد خففّ من وطأة التأثير لتعثّر امتثال هذه الدول التشديد من الإنتاج بأكثر من الحصص الطوعية لدول أخرى في الاتفاق وهي (السعودية – أنغولا – الكويت – البحرين – بروناي – الجزائر – غ.الاستوائية – كازاخستان – المكسيك). وتظلّ الفترة المقبلة لأسواق النفط فترة يعتريها عدم اليقين، إلا أن المدى القصير يشمل عدداً من مؤشرات الدعم واستمرارية دورها لصالح الأسواق النفطية، أهمها تنامي مستويات الالتزام من قبل الأعضاء في اتفاق OPEC+، حيث سجّل نمواً في الالتزام منذ شهر يناير إلى نهاية سبتمبر الماضي بمقدار 2 مليون برميل يومياً، لذلك فإن الاستمرار في معدل نمو الالتزام من قبل المنتجين الأعضاء سيدعم أسعار النفط لنطاقات سعرية جديدة قد تتراوح ضمن (60 – 63) دولاراً لخام الإشارة برنت، كذلك قرب قدوم فصل الشتاء الذي يشهد عادةً نمواً موسمياً في معدلات الطلب العالمي على النفط بالإضافة إلى اجتماع اللجنة الوزارية لمراقبة الإنتاج خلال شهر ديسمبر القادم في فيينا الذي تعوّل عليه أسواق النفط في تقديم المزيد من الدعم، في المقابل لا زالت الحرب التجارية تمثّل أهم عامل تأثير على أسواق النفط جرّاء تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي والطلب على النفط. الإنتاج الطوعي.jpg