تسمع أحياناً بعض العروبيين أو الإسلاميين وغيرهم من القوميين و(الخلافيين) محاولات للزج بالمملكة في صراعات ليست في حاجة لها. يظنون أن إثارة العنتريات العربية المعهودة ستدفع المملكة للتهور. آخر من سمعت الممثل السوري دريد اللحام يتحدث عن تصريحات الرئيس الأميركي أمام مناصريه. ولأنه لا يعرف التاريخ ولا يريد ذلك ومازال يعيش عنتريات الستينات من القرن المنصرم لم يدرك أن المملكة لم تكن شريكة في تلك العنتريات، ولم يدرك أيضاً إلى ماذا قادت العنتريات الدول العنترية وأين قادت الحكمة المملكة العربية السعودية. هكذا تعمي الآيديولوجيا بصيرة من وقع في إسارها. لا يستطيع أن يرى بلاده ولا يستطيع أن يرى ما حوله. قرر عبدالناصر بعنترياته أن يلقي باليهود في البحر وهاهم يتجولون في شوارع القاهرة. أعلن صدام حسين استعداده حرق نصف إسرائيل وها هي بلاده تقطعت أرباعاً وأثلاثاً. أعلن العقيد القذافي زعيم ثورة الفاتح المجيدة الحرب على الإمبريالية وها هي بلاده تمزقها الحروب ولا يعلم حتى الذباب أين تعفنت جثته. لا يرى اللحام ما حل بالسودان بفضل عنتريات زعمائها ابتداء من عبود مروراً بالنميري ثم البشير. ومن الواضح أنه لا يعرف ما الذي حل بالصومال بفضل عنتريات سياد بري الأممية. دريد اللحام يتجاهل بلاده التي أصبحت قبلة للمنظمات الظلامية، وساحة لكل أشكال الصراعات ومعبرًا للأطماع الدولية. بلاده التي امحت فيها البنية التحتية الهزيلة أصلاً وشعبه المشرد في المنافي شرقاً وغرباً. لا يجرؤ أن يجلس ويراجع عنتريات حزب البعث لينتقي منها ما ينعش ذاكرته حتى يعرف أصل البلاء. لعله يرى الجيش (العربي) السوري حامي الديار أصبح جيشاً من الأفغان والإيرانيين والروس واللبنانيين وكل من يريد أن يرتزق من دماء السوريين. إذا كانت تصريحات الرئيس الأميركي لم تعجب اللحام لماذا لا يتذكر الشتائم التي كالها القذافي وصدام حسين وجمال عبدالناصر ضد المملكة ليدرك استراتيجية المملكة عند إدارة الصراعات الدولية. الشتائم لم تكن ضمن أجندة السعودية السياسية لا سلباً ولا إيجاباً. كل هؤلاء الذين شتموا المملكة أنقذتهم المملكة عندما تعرضت بلدانهم للمحن. وقفت المملكة مع جمال عبدالناصر بعد هزيمة 67 المذلة. لم تستغلها رداً على شتائمه. وقفت المملكة مع القذافي عندما حاصره المجتمع الدولي. لم تستغلها للانتقام من محاولاته إيذاءها. وقفت مع صدام حسين عندما ورط بلاده في حرب مريرة مع إيران. السعودية لا يهمها ولا تلتفت لكلام رئيس أي دولة مهما تواضع أو علا شأنه. صحيح أن عنتر بن شداد ولد على أرض المملكة لكن صليل سيوفه وأشعاره ارتجع صداها في بلدان أخرى. اتمنى من الله أن يعطي الفنان دريد اللحام مزيداً من العمر ليرى من سيأتي أخيراً ويمد يد العون للشعب السوري الذي نكبته عنتريات حكامه ومثقفيه.