المملكة تتسلم رسميًا استضافة منتدى الأمم المتحدة العالمي للبيانات 2026 في الرياض    إسرائيل تصعد من وتيرة العنف في لبنان    اتحاد كرة القدم يحصل على العضوية الذهبية الآسيوية للواعدين    إحباط تهريب (32200) قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي في جازان    "مؤتمر التخدير" يوصي بتحقيق توازن بين العمل والحياة الشخصية للأطباء    إعلان برنامج انتخابات الاتحادات الرياضية 2024 – 2028    فيغا يرد على شائعات رحيله عن الاهلي    زكي: «قمة الرياض» أكدت على حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته    تدريبات النصر: بيولي يستدعي 12 لاعبًا شابًا    توقيع مذكّرة تفاهم بين السعودية وتونس لتشجيع الاستثمار المباشر    74 تشكيليا يؤصلون تراث وحضارة النخلة    أخضر الشاطئية يكسب الصين    سباليتي يثني على الروح الجماعية لمنتخب إيطاليا    تكريم الفائزين بمسابقة حرف    ضبط يمني في الدمام سكب الأسيد على آخر وطعنه حتى الموت    الزفير يكشف سرطان الرئة    تطوير الطباعة ثلاثية الأبعاد لعلاج القلب    مسلح بسكين يحتجز عمالاً داخل مطعم في باريس    الربيعة يتسلم جائزة القيادة العالمية    قوافل إغاثية سعودية جديدة تصل غزة    اليابان تعد بحزمة مساعدات إضافية لأوكرانيا    التزام دولي بإعلان جدة بشأن مقاومة مضادات الميكروبات    أمير الباحة يكلف " العضيلة" محافظاً لمحافظة الحجرة    المملكة تستضيف الاجتماع ال 39 لمجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا    نصف مليون طالب وطالبة في 2455 مدرسة يحتفون باليوم العالمي للتسامح بتعليم مكة    حسن آل الشيخ يعطّر «قيصرية الكتاب» بإنجازاته الوطنيّة    خطأ في قائمة بولندا يحرم شفيدرسكي من المشاركة أمام البرتغال بدوري الأمم    «هلال نجران» ينفذ فرضية الإصابات الخطيرة    الأحساء وجهة سياحية ب5 مواقع مميزة    إعصار قوي جديد يضرب الفلبين هو السادس في خلال شهر    برامج تثقيفية وتوعوية بمناسبة اليوم العالمي للسكري    إعلان أسماء 60 مشاركاً من 18 دولة في احتفال "نور الرياض 2024"    المواصفات السعودية تنظم غدا المؤتمر الوطني التاسع للجودة    بيان سعودي فرنسي عن الاجتماع الثاني بشأن العُلا    الأربعاء المقبل.. أدبي جازان يدشن المرحلة الأولى من أمسيات الشتاء    تطبيق الدوام الشتوي للمدارس في المناطق بدءا من الغد    وزير التجارة: منع الاستخدام التجاري لرموز وشعارات الدول والرموز والشعارات الدينية والطائفية    التواصل الحضاري ينظم ملتقى التسامح السنوي "    «الداخلية»: ضبط 20124 مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    «سلمان للإغاثة» يوزّع 175 ألف ربطة خبز في شمال لبنان خلال أسبوع    المربع الجديد استعرض مستقبل التطوير العمراني في معرض سيتي سكيب العالمي 2024    مصرع 10 أطفال حديثي الولادة جراء حريق بمستشفى في الهند    استمرار تشكل السحب الممطرة على جازان وعسير والباحة ومكة    مهرجان صبيا.. عروض ترفيهية فريدة في "شتاء جازان"    تركيا.. طبيب «مزيف» يحول سيارة متنقلة ل«بوتوكس وفيلر» !    مركز عتود في الدرب يستعد لاستقبال زوار موسم جازان الشتوي    اختتام مزاد نادي الصقور السعودي 2024 بمبيعات قاربت 6 ملايين ريال    "الشؤون الإسلامية" تختتم مسابقة القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة في غانا    لجنة وزارية سعودية - فرنسية تناقش منجزات العلا    الأمير محمد بن سلمان.. رؤية شاملة لبناء دولة حديثة    أمير تبوك يطمئن على صحة مدني العلي    خطيب المسجد النبوي : سنة الله في الخلق أنه لا يغير حال قوم إلا بسبب من أنفسهم    خطيب المسجد الحرام: من ملك لسانه فقد ملك أمرَه وأحكمَه وضبَطَه    وزير الحرس الوطني يستقبل وزير الدفاع البريطاني    خالد بن سلمان يستقبل وزير الدفاع البريطاني    أمير تبوك يطمئن على صحة مدني العلي    البصيلي يلتقي منسوبي مراكز وادارات الدفاع المدني بمنطقة عسير"    إضطهاد المرأة في اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الديكتاتور كلاصق عنيف لبنية غير اندماجية
نشر في الحياة يوم 24 - 07 - 2014

انفرط البناء الجغرافي لثلاث دول بعد سقوط الحاكم الفرد فيها: الصومال عام 1991 مع سقوط محمد سياد بري، والعراق مع سقوط صدام حسين عام 2003 وليبيا مع سقوط معمر القذافي في عام 2011.
يلاحظ ترافق الانفراط الجغرافي مع تفكك البنية المجتمعية في أشكال انشطارية، أخذت بعد سياد بري في الصومال الإيطالي أشكالاً قبلية، وفي الصومال البريطاني في الشمال، أشكالاً مناطقية - قبلية (أعطت لندن الاستقلال للأخيروكان يسمى أرض الصومال - صومالي لاند - في 26 حزيران /يونيو 1960 قبل أن يتحد مع الصومال الإيطالي ويسمى (صوماليا) في دولة الصومال في 1تموز/ يوليو1960).
كان الصومال الإيطالي تحت السيطرة البريطانية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وقد أقرت الأمم المتحدة عام 1949 وجوده الفعلي كدولة ذات سيادة. وفي فترة حكم سياد بري (منذ 1969) كانت المعارضة في الثمانينيات منقسمة بين (الحركة القومية الصومالية) وهي متمركزة في صومالي لاند، فيما برزت حركتان في صوماليا هما (المؤتمر الصومالي المتحد)، في وسط البلاد حتى شمال العاصمة مقديشو، وفي الجنوب كان هناك تنظيم (الحركة الوطنية الصومالية) ويسيطر على المنطقة الواقعة بين كسمايو والحدود الكينية.
عملياً منذ سقوط سياد بري أصبح صومالي لاند دولة أمر واقع ولكن غير معترف بها دولياً مثل جمهورية قبرص التركية، فيما انقسمت صوماليا على مدى ربع قرن إلى مناطق سيطرة سياسية متناثرة لجماعات متناحرة كانت أكثرها نفوذاً حركة (المحاكم الإسلامية) التي أخذت غالبية الوسط والجنوب في فترة النصف الثاني لعام 2006 بعد أن سيطرت على مقديشو في 5 حزيران قبل التدخل الإثيوبي في نهاية العام بدعم غربي ومن دول الاتحاد الأفريقي.
في العراق، الذي انبنى كدولة على اتحاد ولايات بغداد والبصرة والموصل عام 1921، برزت فيه المشكلة الكردية مع تمرّد الملا مصطفى البرزاني في أيلول (سبتمبر)1961 الذي جرى تسكينه في اتفاقية 11آذار (مارس) 1970 قبل أن ينفجر من جديد عام 1974 ومن ثم يخمد مع اتفاقية الجزائر في آذار1975 بين شاه ايران وصدام حسين، وفي الثمانينات يعود للانفجار مع الحرب العراقية - الإيرانية واستطاع الأكراد فرض وقائع على الأرض من حيث تشكيل اقليم يضم محافظات السليمانية وإربيل ودهوك، هي نفسها منطقة الحكم الذاتي لاتفاقية 11 آذار 1970 وأصبح وضعه خارج سيطرة بغداد في فترة ما بعد هزيمة صدام حسين في حرب الكويت عام 1991.
كان سقوط صدام حسين في9 نيسان (إبريل) 2003 مساهماً في تشظّي العراق أولاً من خلال تعميقه للانشطار الكردي ولو مع مشاركتهم غير المسبوقة في السلطة المركزية ببغداد حيث أصبحت إربيل، التي أنقذها صدام حسين من قبضة الطالباني المدعوم من ايران وأعادها إلى مسعود برزاني في أيلول 1996 عبر قوات الحرس الجمهوري العراقي، أكثر تنائياً عن بغداد وأكثر استقلالية في مرحلة ما بعد صدام حسين. وعندما ضعفت بغداد بعد سقوط الموصل من يد المالكي في10 حزيران 2014 قامت إربيل بقضم كركوك ضد إرادة السلطة المركزية في بغداد وعلى حسابها. كان سقوط صدام حسين مساهماً في تذرير العراق إلى المكونات الثلاثة: الشيعية - الكردية - والسنية، التي عملياً مثلتها الاتحادات الجغرافية الثلاثة عام 1921: البصرة والموصل وبغداد، حيث برز الصدام السني - الشيعي في مرحلة ما بعد صدام حسين وانتقل الأكراد من التحالف مع الشيعة ضد صدام لتبرز ملامح في مرحلة مابعد 10حزيران 2014 لتحالف سني - كردي ضد المالكي.
في ليبيا أعلن الاستقلال عام 1951 من خلال نظام فيديرالي لأقاليم طرابلس الغرب وبرقة (الشرق) وفزان (الجنوب) وكان الأخير بعد هزيمة الإيطاليين يدار من فرنسا منذ 1943 فيما الشرق والغرب من البريطانيين. أقام السنوسيون سيطرة مزعزعة على ليبيا الفيديرالية التي ألغيت عام 1963 لتصبح (المملكة الليبية) بدلاً من (المملكة الليبية المتحدة). كان القذافي منذ 1969 حاكماً مركزياً استطاع طمس الصراعات والتناقضات الليبية القديمة من خلال ديكتاتوريته الفردية التي لم تطمس فقط معالم التناقضات الاجتماعية وتمنعها من الظهور للسطح سواء بشكلها المناطقي القديم كأقاليم ثلاثة وإنما أيضاً كأشكال قبلية، أو إثنية مع البربر، ولكنها عادت للظهور قوية بعد سقوطه في طرابلس في 23 آب (أغسطس) 2011 ومن ثم مقتله بعد شهرين، وعملياً فإن الصراعات السياسية الليبية الراهنة متجددة بين الشرق والغرب جهوياً ومناطقياً وقبلياً، وكذلك إثنياً مع البربر الأمازيغ في جبل نفوسة غرب طرابلس وفي غدامس، وفي كثير من الأحيان فإن صراعات الإسلاميين مع (الاتجاه الوطني) هو طلاء رقيق للصراعات الجهوية - المناطقية والقبلية والإثنية، مثل الصراع بين ميليشيات مدينة مصراتة مع ميليشيات منطقة قبائل الزنتان وهما أقوى فصيلين مسلحين في طرابلس الغرب منذ سقوط القذافي.
تظهر التجارب الثلاث، الصومالية والعراقية والليبية، أن الديكتاتور هو لاصق عنيف لبنية غير اندماجية، تحجب قبضته العنيفة تفككها البنيوي ولا اندماجية مكوناتها وتهيل تراباً رقيقاً فوقها، وعندما يسقط الديكتاتور تطفو إلى السطح العوامل اللااندماجية والتفككية في البنية المجتمعية وبشكل أقوى من المرحلة السابقة له، لتصبح هي القوة المحركة للعملية السياسية والاستقطابات والصراعات السياسية والميليشياوية. هنا، يلاحظ أن التحديث الذي يمارسه الدكتاتور كما في الحالات الثلاث، عند سياد بري وصدام حسين ومعمرالقذافي، يقتصر على التكنولوجيا والتعليم ولكنه لا يؤدي إلى بنية حديثة اجتماعياً تتجاوز البنى القديمة كما جرى في الديكتاتوريات التي شهدها الغرب الحديث عندما كان الديكتاتور، مثل أوليفر كرومويل بعد الثورة الإنكليزية ضد الملك 1642-1649 ونابليون بونابرت بعد ثورة 1789 الفرنسية، مصعداً سياسياً للمجتمع والدولة والإدارة إلى طور أرقى.
* كاتب سوري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.