بحثاً عن الإثارة وتناسياً للجودة والجدارة حقيقة مؤلمة يعيشها عدد كبير من الناس بما فيهم المثقف والكاتب.. فما يحدث اليوم هو أننا نعيش زخماً هائلاً مما يعرف بثقافة الظواهر تبدأ ظاهرة يجعلونها مشكلة مستقلة يصنعون لها فروع عدة، وهنا يبدأ دورنا كمجتمع نضيع نصف وقتنا في متابعة ظاهرة تلو ظاهرة تتكاثر علينا الظواهر. والسبب واحد لا يلتفت إليه أحد أتدرون لما..؟ لأن الدافع أصلاً للحديث عن كل هذه الظواهر الإثارة أو الترفيه الاجتماعي أو الاستعراض اللغوي، أو أي شيء لا علاقة له بالمعرفة الأصيلة ذات الالتزام الثقافي والاجتماعي. مما قرأت أن شاباً أميركياً سأله أستاذه عن الصين فلم يعرفها، ثم سأله عن اسم رئيس دولته فلم يعرفه ومثله كُثر، أصبح لديه هذا الخواء المعرفي وبكل مرارة وألم، نحن نتجه إلى ذات الخواء، فبعض شبابنا لا يعرف أركان الإسلام وواجباته لايميز بين بعض معايشه حلاله وحرامه. فقد أصبح لدينا شخصيات عالمة بكل التفاهات الصغيرة وما حولها، شخصية أصبح جل ثقافته سنابة مختصرة أو تغريدة متبلورة، ومقاطع يوتيوب ساخرة شخصيات ليس لعقليتها ركائز وليس لها تصورات شاملة ولا تمتلك مرجعية ثقافية من قيم وعادات وتقاليد تقيس عليها وتميز بين غثها وسمينها. أصبح بعض جيلنا يتحول شيئاً فشيئاً إلى كائن مبرمج يعرف فقط أين وعاء طعامه ومكان مرقده وساحة لعبته ضُيعت الأوقات، وضاعت جميل السمات كثرة اللامبالاة. ولم يعد الرجل يطمح لتحقيق آماله ولا يُقدر أو يزن أفعاله .. فيا ترى ماذا هؤلاء الثلة فاعلون وإلى أين متجهون وهم بمثل هذا الظواهر مكبلون. فمتى يستوعبون وأن كل ذلك يجعلهم بحق مستعمرون في أفكارهم، في أفعالهم حتى يلقون حتفهم على ذلك الحال وهم لا يعلمون.