الاستثمار في السياحة والترفيه يدخل ضمن أولويات رؤية 2030، والمتوقع أن تشهد المملكة في المستقبل القريب قفزات وتحولات كبيرة في هذا الجانب، والإرادة السياسية في الدولة تعمل على توحيد وتكامل الجهود المختلفة في هذه القطاعات، وتأتي الرغبة الاستراتيجية بهدف توطين نصف ما ينفقه السعوديون على السياحة الخارجية، وبحسب التقديرات فإن إيرادات السياحة الداخلية في العام الجاري 2019 قد تصل لما يقارب 200 مليار، وستوفر ملايين الوظائف المؤقتة للسعوديين، والتوجه نحو تنويع مصادر الدخل والاعتماد على السياحة والترفيه كركيزة أساسية في خارطة التنويع، أكده الأمر السامي الكريم الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله- بإنشاء صندوق استثماري يتم تمويله من فعاليات الثقافة والرياضة والسياحة، وسيعمل الصندوق الجديد على بناء شراكات استراتيجية لمصلحة القطاعات المستهدفة ويرتبط بصندوق التنمية الوطني، وحجم الإنفاق على سوق السياحة والترفيه العالمي يتجاوز الترليون ونصف الترليون دولار وفق إحصاءات العام المنصرم، ومن حق المملكة أن تأخذ حصتها العادلة من هذا السوق، وبما يتناسب مع إمكاناتها السياحية والترفيهية، ومزاراتها التراثية والتاريخية التي تتجاوز العشرة آلاف مزار. الرياض ارتفعت مرتبة واحدة على مؤشر "ميرسر" لجودة الحياة، والمؤشر أوضح بأن الارتفاع تأثر بمخرجات رؤية 2030 ومن بينها المواسم السياحية والترفيهية التي أقيمت في مناطق المملكة، وسيتواصل تقديم المواسم حتى يكتمل عقدها بختام الموسم الثاني عشر، وستكون مستمرة في كل سنة دون توقف، وسيتكرر حضورها في العلا وحائل والمنطقة الشرقية، وفي جدة والطائف والسودة والدرعية وغيرها، وفي الأعياد واليوم الوطني، وما بين عامي 2022 و2030 سيولد مشروع البحر الأحمر في 22 جزيرة ومعه مشروع القدية كوجهتين سياحيتين جديدتين، وكلاهما سيضخ مليارات الريالات إلى الناتج المحلي الإجمالي كل سنة، وسيوفر عشرات الآلاف من الوظائف، وسيستقبل ملايين السياح من الداخل والخارج. الصورة النمطية عن المملكة بدأت في التغير عند المواطن والمقيم والأجنبي، ومن الأدلة، إصدار أكثر من 77 ألف فيزا سياحية في 33 يوماً فقط، وقدوم عشرات الآلاف من السياح الأجانب الذين حصلوا عليها، وهؤلاء جاء معظمهم من الصين واليابان ودول غربية كبريطانيا وأمريكا وفرنسا وكندا واستراليا، ولأغراض سياحية خالصة، ومعها الفنادق المزدحمة بالمواطنين والمقيمين في عطل نهاية الأسبوع في الرياض، وهذا النجاح يسجل لهيئة الترفية ولرئيسها الذي وضع بصمته الخاصة والمميزة في الرياضة قبل الترفيه، وحقق توجه الدولة في الوظائف التي شغلها باحترافية ومهنية عالية، فقد زادت عوائد رعاية فعاليات موسم الرياض عن 400 مليون ريال، ووصف المختصون "موسم الرياض" بأنه يمثل حراكاً سياحياً عالمياً جاذباً، يأتي في إطار ثقافي واجتماعي واقتصادي مميز، ويحاول تحويل الرياض إلى وجهة سياحية عالمية، والوصف ينسجم مع ما قاله تركي آل الشيخ من أن موسم الرياض حقق 80 في المئة من أهدافه في أول عشرة أيام. زرت مع عائلتي الصغيرة بوليفارد الرياض وواجهة الرياض، وسعدت برؤية الشباب السعودي المعتد بنفسه وهو يعمل بيده ويعرض ابتكاراته الشخصية في "البوتيكات الصغيرة" بالبوليفارد، وحاولت أن أجد حجزاً في مطعم من مطاعم المربع، لأدخل المكان، أو مقعداً في المسرحية السعودية التي عاد بها المسرح المحلي بعد فترة توقف استمرت 30 سنة، ولم أوفق في الحالتين، وقد أعود لزيارة رياض سفاري وفعاليات الموسم المتجددة، فقد كانت تجربتي مع موسم الرياض في منتهى الروعة، وتستحق العلامة الكاملة، لولا ارتفاع أسعار إيجارات الفنادق، وربما احتاج الأمر لإعادة ضبط من قطاع الإيواء في هيئة السياحة باعتباره المسؤول عن هذه المسألة.