في مثل شتاء قارس ذابت أكوام الجليد المتراكمة ليتحول الثلج ماء يروي عطش الأرض التي احتوته وصبرت على قسوته انتظاراً للربيع. وبمثل هذه الطاقة الإيجابية يرى كثيرون بعيون معجبة التحول الكبير الذي طرأ على مفهوم السياحة الداخلية أو المحلية بعد أن أصبحت عالمية، وكما القصص الخيالية بعد أن دعك المصباح خرج المارد ليقول لكل واحد منهم (شبيك لبيك العالم كله بين إيديك). هذا ما قد يقوله الآخرون عنا وعن مواسمنا السياحية المتتابعة في المملكة. وما يقوله البعض منا ولربما الكل عما تحقق من تحول في مفهوم السياحة الداخلية بفضل الجهود المركزة التي قامت بها هيئة الترفيه. الحضور والتفاعل والمبيعات وطوابير الانتظار، شاهد مؤكد على النجاح وبأن هيئة الترفيه قد أصابت الهدف وحركت ساكناً لم يتوقع الكثيرون له هذا الحجم ولا هذا الحضور. سؤال يتبعه سؤال عن المدى الذي يمكن أن تبحر فيه هيئة الترفيه في سقف توقعاتها عما يمكن أن تقدمه في المستقبل؟ وهل سيتكرر المشهد أم أن للجديد حضوراً خادعاً قد يفاجئ لكنه لا يستمر! هيئة الترفيه بما تقدمه ترفع سقف التوقعات لحدود قد لا تتوقف عند سقف للكفاية وذلك أمر مطلوب ما لم يسبب عبئاً اقتصادياً على المجتمع! وهنا يجب أن نتوقف ونتأمل في جوهر الفكرة التي بنيت عليها الرؤية السعودية وهي الرقي بمستوى وعي الفرد مواطناً كان أم مقيماً وتحسين ظروف معيشته ورفع الغطاء لتحسين مستوى الأداء للوصول لمرحلة التوازن الفكري والاقتصادي المجتمعي لأنها الخيار الأمثل للوطن. هذا الزخم المبهر ناجح بكل تأكيد في تنوعه لكنه محدود في تصنيفه، هو متنوع لكن تحت تصنيف واحد ماذا عن الأصناف الأخرى؟ هيئة الترفيه قدمت لنا الترفيه في صورة مواسم بمدد محددة (يا تلحق يا ما تلحق) وخلقت أجواء تنافسية على الحضور والتجربة واستغلت بذكاء عامل الوقت للتسويق لكل سلعة تقدمها حتى في أسعار هذه الخدمات التي لم تكن ثابتة في بعضها بل استمرت في التزايد بوتيرة متغيرة! قد يكون للإقبال الشديد دور في ذلك لكن إذا استمررنا في هذه المزايدة ستفقد السياحة المحلية جوهرها الحقيقي في الترفيه. هيئة الترفيه مشكورة أوجدت معجزة وفي وقت قياسي وقلبت الطاولة لصالحها، ولتستمر وتنجح من حقنا عليها أن تقدم لنا أصنافاً أخرى من الترفيه المعتدل والمستمر يحسن من مستوى المعيشة دون أن يرهقها أو يبتزها مادياً.