في صبيحة يوم الخميس الفائت تلقيت نبأ وفاة الأخ العزيز والنسيب الغالي سعود بن محمد الكنعان بعد معاناته مع المرض عن عمر يناهز 60 عاماً, والفقيد -غفر الله له- كان صاحب خلق رفيع وابتسامة دائمة واستقامة في القيم التربوية والشيم الفضيلة..اكسبت شخصيته المتزنة وروحه المرحة حُب جميع الأقارب والأصدقاء وكل من عرفه عن قرب.. لنبل تعامله وإحساسه الإنساني المرهف وطيبة قلبه وسلامة سريرته وبشاشته العفوية التي دخل بها قلوب الأحباب والأصحاب بلا استئذان أو خجل..! عاش فقيدنا الغالي في أسرة معروفة بعمق تاريخها الأصيل في المجتمع النجدي ومن الأهالي المعروفة التي شاركت في خدمة الوطن من خلال والده الشيخ الراحل محمد بن عبدالعزيز الكنعان -رحمه الله- الذي كان من أخوياء الملوك سعود وفيصل وخالد -رحمهم الله- قبل أكثر من ستة عقود ماضية.. فكانت أسرة (آل كنعان) من عوائل الرياض المعروفة بولائها للوطن وحكامه.. ورغم المكانة الاجتماعية والحالة الاقتصادية لأسرة الفقيد لم تزده إلا خلقاً وتواضعاً ونبلاً ورقياً في التعامل مع الصغير والكبير, فقبل وفاته بشهرين أو تزيد أصيب أبو محمد بمرض عضال في الكبد ورغم تعب وأهات الجلوس على كرسي الإشعاع الكيماوي..!! ضرب أروع معاني الصبر والاحتساب في معاناته المرضية فكان يردد ويذكر فضل الله سبحانه عليه وعلى الجميع حامداً وشاكراً لخالقه العظيم، وبعد تردي أوضاعه الصحية في ظل معاناته المرضية مع داء السرطان خلال الأسابيع الماضية وكثرة مراجعاته للمستشفى لم يشتك أو يتذمر أو يحكي آلامه ومعاناته في ظل جلوسه على كرسي الإشعاع الكيماوي.. ! بل كان يشكو بثه وحزنه إلى الله عز وجل، حتى ومع اشتداد مرضه مع الداء العضال كان يسأل عن الصلاة، وحريصاً على الأعمال الخيرية فكان بالفعل يؤمن بأن الإيمان نصفان نصف شكر والنصف الآخر صبر.. ولعل ثباته وصبره على مرضه يؤكد عمق إيمانه وكثرة حمده لله والثناء عليه والشكر له عز وجل في كل حال حتى ومع ارتفاع درجة حرارة مرضه ومعاناته الصحية الحالكة. فترك لنا دروساً عظيمة في حسن الظن بالله والثقة به، والإيمان التام أن المؤمن كل أمره خير كما قال الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام في حديث رواه الإمام مسلم: «عَجَباً لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلاَّ للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْراً لَهُ». رحم الله فقيدنا الغالي سعود الكنعان وأسكنه فسيح جناته وجعل ما أصابه من مرض وسقم تكفيراً للخطايا ورفعة في الدرجات تغمده الله بواسع رحمته. (إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ).