أحيانًا نسمع عن أشخاص تركوا وظائفهم، أو طلاب غيروا تخصصاتهم، وعندها نصاب بالدهشة! كيف لمثل هؤلاء الأشخاص أن يعيدوا ترميم خريطة نجاحهم بهذه الخطورة؟! كل ذلك بحثًا عن مصدر يغذي أرواحهم ومشاعرهم ويدفعها إلى الأمام غير عابئين بالعقبات المحتملة التي قد تظهر، فالإنسان الشغوف لا يوقفه شيء. هذا هو المعنى الحقيقي للشغف، وهو نكهة مميزة تضاف إلى هامة النجاح، فتعزز من قوة ذلك النجاح وتدعمه. عندما تصل إلى ملل يقتلك في وظيفتك أو في دورك في محيط الأسرة، وأحسست بأن سحابة سوداء تلازمك فوق رأسك؛ فهنا حان الوقت للتغيير والبحث عن الإبداع والتجديد، البحث عن تغيير يولد تحفيزًا ودافعية وإثارة. الجميع في محطات حياته قد وصل إلى هذه النقطة الشرسة، التي لا ترحم المشاعر، أو سيصل إليها؛ لأن القليل الذي يتقن التنقل بين أزهار الحياة للبحث عن العسل. لكي نحقق أهدافنا في الحياة، ونوجد معنى للبقاء لا بد من وجود الشغف. والشغف هو شيء يجعلك تعشق ما تقوم به وتميل إليه بشدة وأنت - خلال ذلك - مستمتع بالجهد الذي تبذله والتعب الذي تناله جراء ذلك. وهو شعور مميز له وهجانه وتوهجه كمصباح قابل للشحن عند نفاد بطاريته حتى يقوم بمهمته. فالإنسان الناجح في مجال معين وجد شغفه واستثمره استثمارًا فعالاً بحيث استطاع أن يبني نجاحاته على نقاط قوته فوصل سريعًا. يقول جون سي ماكسويل: (شغفك باهتمامك يعطيك أفضلية عن الآخرين، لأن شخصًا واحدًا لديه شغف، أفضل من 99 شخصًا لديهم مجرد اهتمام). للشغف علامات، وهو أن ما تعمله بشغف يمر وقته كلمح البصر كعشاق متابعة مباراة كرة القدم عندما يشاهد المباراة لا يشعر بمرور الوقت؛ لأنه مستمتع بتلك الأوقات، وعلى النقيض من يشاهد ذلك بلا شغف ستكون عينه على الساعة كل دقيقة، إضافة إلى ذلك قد تكون علامة بارزة، وهي أن هذا الشغف لشيء معين يقتص من تفكير الإنسان في ليله ونهاره. الشغف ليس مشاعر رومانسية سرعان ما ينطفئ بريقها، وليس نظرية غير قابلة للتفسير، وهو بلا شك ليس وهمًا أو هلوسة، بل هو قوى داخلية مضيئة ناتجة عن حب شيء ما بدرجة كبيرة، ونهم يسعى المرء إلى تحقيقه من خلال الاعتماد على الميول الفطرية، ومنحى ينتهجه وقيم ومبادئ يبني عليها نجاحاته، ويختلف عن غيره محققًا بذلك نجاحًا وتميزًا. جميل أن يصنع الإنسان الواقع الذي يريد أن يعيشه ويبنيه على حاجة في نفسه يجدها، فإيجاد الغاية والمعنى في الحياة يستكشف ما بين سطور رواية كل شخص منا. فأحيانًا تكون أنت وشغفك في الصفحة نفسها، وأحيانًا يحتاج منك إلى البحث. وليكن في الحسبان أن هناك عاملًا مشتركًا بين العصاميين في الحياة، وهو وجود الشغف، فإذا كنت تعمل شيئًا بصورة روتينية، فابحث عن شغفك فيه، أو غيّر إلى مسار آخر تجد شغفك فيه، وأحسن مقاسات تصميم مستقبلك لتتناسب مع مساحة قدراتك الشخصية. فالإنسان الشغوف لا يوقفه شيء.