تطلق المملكة وروسيا اتفاقيات صناعية تاريخية بمباركة خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يبدأ زيارة تاريخية للمملكة. ويلتقي البلدان الأقوى نفوذاً وهيمنة على أكبر منابع إنتاج النفط الخام والغاز في العالم، والأقوى تأثيرا وقيادة لسوق الطاقة العالمي، لإعلان أضخم التحالفات الاستثمارية للبلدين في العالم وعلى الأخص في صناعة النفط والغاز والبتروكيميائيات والخدمات اللوجستية والتي تتسيّد المشهد الاقتصادي العالمي، فضلاً عن مزيد من الاتفاقيات ذات الشأن بسوق النفط العالمي، والتي تأتي امتدادا لقوة الاتفاقيات التي أبرمها سمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والتي نجحت في تمديد اتفاقية أوبك+ بخفض الإنتاج بقدرة 1,2 مليون برميل في اليوم إلى الربع الأول 2020، والتي أدت إلى استقرار أسواق النفط. في الوقت الذي تبرز فيه شركة أرامكو السعودية كأكبر شريك تستهدفه روسيا بصفتها أكبر منتج ومصدر مستقل للنفط الخام وأقوى شركة للطاقة المتكاملة في العالم والتي حظيت بدعوة شخصية من الزعيم الروسي للاستثمار في تكنولوجيا الغاز الطبيعي المسال الروسي. وتمهد الزيارة التاريخية للزعيم الروسي للمملكة لمشروعات تقدر استثماراتها بعدة مليارات ريال في مشروعات الطاقة المختلفة والتي أعلنها وزير الطاقة الروسي الكسندر نوفاك والذي أكد بأن لدى المملكة وروسيا العديد من المشروعات الاستراتيجية الثنائية التي يخطط البلدان إطلاقها لمشروعات في الصناعات البتروكيميائية والغاز الطبيعي المسال ومراكز البحوث المشتركة في روسيا، مشيراً إلى أن المملكة العربية السعودية هي واحدة من أهم الشركاء الرئيسين لروسيا في الشرق الأوسط، في ظل الشراكة الروسية السعودية المتطورة بما في ذلك التعاون بين صندوق الاستثمار المباشر الروسي وصندوق الاستثمارات العامة السعودي الذي استثمر نحو ملياري دولار في مشروعات مشتركة. ولفت وزير الطاقة الروسي لرغبة كبريات الشركات الروسية العملاقة للنفط والغاز ومنها "غازبروم"، و"نوفاتيك" و"ترانسنفت" للتحالف مع نظيراتها السعودية باهتمام متزايد بدعم رفيع المستوى من قيادة البلدين للاستثمار المشترك والمتبادل في كل من أراضي الدولتين وربط الاستثمار في عمليات الغاز الروسية بما في ذلك الغاز الطبيعي المسال، والتي تتيح لشركة أرامكو السعودية الفرص للوصول إلى تكنولوجيا الغاز الروسية. من جهته كشف صندوق الاستثمار المباشر الروسي عن أكثر من 10 اتفاقيات استراتيجية ذات أهمية بالغة مع شركائه الحاليين والجدد في المملكة بقيمة تتجاوز 7.5 مليارات ريال (2 مليار دولار)، حيث إن الاتفاقيات المزمع الإعلان عنها ستكون في مجالات التكنولوجيا المتقدمة بما في ذلك تطوير الذكاء الاصطناعي، والتعاون في مجال الفضاء، والخدمات اللوجستية، والنقل، والبنية التحتية، وإنتاج النفط والبتروكيميائيات، والزراعة. وأشار الصندوق إلى أن الاتفاقيات سيتم الإعلان عنها، خلال زيارة وفد الصندوق برئاسة كيريل ديميترييف، الرئيس التنفيذي للصندوق، وذلك أثناء زيارة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين للمملكة اليوم الاثنين، ولفت إلى أنه سيتم تنظيم المنتدى الروسي السعودي للاستثمار، بالتعاون مع المملكة ومشاركة أكثر من 300 مشارك في كلا البلدين من رجال الأعمال، وكان صندوق الثروة السيادي الروسي، قد أعلن الثلاثاء الماضي، عن فتح مكتب في المملكة، ليكون الأول في الخارج. وأعرب كيريل ديمترييف رئيس الصندوق عن بالغ سروره بزيارة الرئيس بوتين التاريخية للمملكة التي تؤكد أهمية دور روسيا كطرف فعال في تحقيق الاستقرار في المنطقة، مشيراً بأنه سيتم مناقشة اتفاق أوبك+ أيضا أثناء الاجتماعات، لافتاً بأن الدولتين المصدرتين للنفط تخططان لتوقيع 10 اتفاقيات أثناء أول زيارة للرئيس بوتين في قطاعات تشمل الزراعة والسكك الحديدية والأسمدة والبتروكيميائيات، في وقت أبلغ عن قيمة إحدى الصفقات بتكلفة 2,6 مليار ريال (700 مليون دولار)، مشيرا إلى أن صندوق الاستثمار المباشر الروسي سيعلن أيضا عن استثمار مشترك مع أرامكو السعودية. من جهتها تتأهب شركة أرامكو للاستحواذ على أصول الغاز العالمية الواعدة في مشروع "يامال 2" في القطب الشمالي الروسي مع شركة "نوفاتيك" في صفقة تقدر بقيمة خمسة مليارات دولار، وتبحث أرامكو شراء حصة في مشروع "أركتيك للغاز الطبيعي المسال 2" بقيادة شركة الغاز الروسية "نوفاتيك". ومن المنتظر أيضاً ترقب تحالف لأرامكو مع شركة "غازبروم" أكبر شركات الغاز في روسيا لتطوير محفظة أعمال ضخمة ذات شأن بالتنقيب عن الغاز وإنتاجه على الصعيد الدولي والعمل على تحفيز ظهور موردين جدد في السوق السعودية والأسواق الأخرى التي تعمل بها أرامكو. ومن المنتظر أن تؤسس مشاركة أرامكو في مشروع "يامال" للغاز المسال في روسيا مرحلة جديدة في صناعة الغاز الروسية الضخمة والتي من المتوقع أن تصبح بعد إطلاق هذا المشروع البالغة طاقته 16.50 مليون طن من الغاز المسال، أكبر شركة روسية لإنتاج الغاز المسال، في ظل مخططات مستقبلية لتوسعة المشروع لإنتاج نحو 80 مليون طن بحلول 2035 بمشاركة دول أخرى. ومن المتوقع أن يتم اتخاذ القرار النهائي للاستثمار في مشروع "أركتيك للغاز الطبيعي المسال 2" في الربع الرابع من العام الجاري 2019، في حين من المقرر تدشين أولى عملياته لتسييل الغاز الطبيعي في العام 2023. ومن المخطط أن ينتج المشروع نحو 18 مليون طن بحلول 2023. وتلتقي نوايا الاستثمار الروسي الضخم مع المملكة في وقت تعكف شركة أرامكو على ممارسة استراتيجيتها وخططها لتعظيم استثمارات سلسلة القيمة للغاز الطبيعي والغاز الطبيعي المسال على الصعيدين المحلي والدولي لتعزيز هيمنة الشركة التنافسية وتنويع أعمالها وتوسعة محفظتها الاستثمارية الدولية في قطاع الغاز حيث تتوقع أرامكو أن يجذب برنامجها الضخم الواعد للغاز استثمارات بقيمة 150 مليار دولار على مدى السنوات العشر المقبلة، في الوقت الذي يشهد فيه الطلب على الغاز الطبيعي إزديادا في مختلف دول العالم مما حدا بشركة أرامكو للتوسع في استثمارات الغاز بإعداد خطة من مرحلتين لتوسعة شبكة الغاز الرئيسة حيث ساهمت المرحلة الأولى، التي أنجزت في العام 2017، في زيادة الطاقة الاستيعابية للشبكة إلى 9.6 بلايين قدم مكعبة قياسية في اليوم. ومن المقرر أن تؤدي المرحلة الثانية إلى زيادة هذه السعة إلى 12.5 بليون قدم مكعبة قياسية في اليوم في 2019. المملكة وروسيا طورتا علاقاتهما بنجاح لتحقيق استقرار سوق الطاقة ترقب إعلان أول التحالفات في مشروعات الغاز والكيميائيات الروسي