بصفتنا مجتمعات عربية أو شرق أوسطية، هل لدينا دروس مستفادة من بعض ما يلوح في أفق العالم؟ أم أن ما يحركنا هو الهوس والتغيير غير المبرر؟، إن الخروج على الحكومات أكبر رعونة قد يقترفها الأشخاص الذين يقودون التمرد على الحكام خصوصًا من يلوثون أيديهم بصفقات تحرق أمم ومجتمعات. هنا، وعلى الطريقة الأميركية، وما يحاك في دهاليز السياسة والسياسيين نرى المشهد الأميركي بثقله وجميع مؤسساته التي تدير دول.. قصة (محاولة عزل ترمب)، كيف يتناولها الجمهوريون والديمقراطيون داخل مؤسسات الإدارة الأميركية، هل خرجوا إلى الشوارع وأضربوا عن العمل وهزوا ثقة الشعب في الحكومة؟ هنا تظهر إرادة الشعب وحكمته ووعيه السياسي ومدى حفاظه على وطنه ومكتسباته ومؤسساته القومية، لأن مثل هذه الشعوب الواعية تدرك ما سيكون عليه أمنهم واستقراراهم مستقبلًا، إذ إنهم يعون تمامًا ما يؤول إليه حالهم لو خرجوا إلى الشوارع يعثون خرابًا في الممتلكات العامة، أو أضربوا عن العمل وعطلوا مصالحهم ومصالح وطنهم. للأسف الجماهير والشعوب في دول الشرق الأوسط تختلف كليًا في قراءة الأحداث، إذ إن الخروج إلى الشارع للمسير في حشد مليوني يجوب الطرقات أو المشاركة في تظاهرة أمام مقر الحكومة أصبح كشرب الماء. منذ العام 2010 لم تستفد شعوب العالم العربي من (الربيع العربي) الذي سرعان ما أصبح دمارًا للإنسان والبلدان، للأسف وعي الشعوب وإدراكها لأهمية الاستقرار قليل جدًا، والدليل أنهم لم يستفيدوا من الانتعاش الاقتصادي الذي شهده العالم عقب الكساد والأزمة الاقتصادية في عامي 2007 و2008م. لقد أصبحت عملية إعادة إعمار بعض البلدان التي شهدت ما يسمى بالربيع العربي تتطلب مئات المليارات من الدولارات ستدفعها جميع شرائح المجتمع دون استثناء، حيث إن الشعوب التي مارست الضغط على حكوماتها حتى ولو كانت هذه الحكومات غير منصفة، هل تعتقدون أن هؤلاء الثوار نجحوا في اختيار الأنسب لهم بعد الإطاحة بتلك الحكومات؟، لا.. الأمر الآن اختلف، فهناك منظمات متلقفة وتقف خارج أسوار الأوطان لتعبث بشعب كامل. الآن، نأمل أن يكون لنا دور كبير كوننا شعوبا عربية فهمت وأخذت العظة والعبرة واستوعبنا الدروس المستفادة من الأزمات السياسية الداخلية التي مرت بها كثير من الدول. فرنسا أرض الحرية كما يقال، وتظاهرات أصحاب السترات الصفراء خلال إدارة إيمانويل ماكرون، كذلك بريطانيا وخروجها من الاتحاد الأوروبي، والوضع الاقتصادي الذي تشهده بريطانيا في ظل تعاقب الحكومات، ومنها ألكساندر بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني ومشاكله الداخلية التي لم تدفع شعبه للخروج على حكومته لإسقاطها لأنهم يعلمون دورها وأهميتها في السياسة العالمية الآن. شباب الاستقرار العربي وفي مقال لمدونة للكاتب الأستاذ عبدالله الكعيد أرسله لي للاطلاع عليه، تمحور عن إجراء «استطلاع» لمؤسسة «أصداء بيرسون -مارستيلر» لرأي 3500 شاب وشابة من (16) بلدًا عربيًا نشرته صحيفة الحياة اللندنية في 2016 تحت عنوان (هل تنازل الشباب العربي عن مطلب «الديموقراطية» مقابل الاستقرار؟) اتضح أن الشباب العربي بات يولي أهمية أكبر للاستقرار على حساب الديمقراطية، كما تراجع مطلبهم لتحقيق الديمقراطية والحريات السياسية بعد ما سُمّي ب» الربيع العربي» خصوصًا وهم يلمسون تدهور الأوضاع في بلدانهم. ويخلص الكاتب إلى أن الشعوب العربيّة قد انطلت عليهم (اللعبة)، وحال الشباب آنذاك كان كالأسماك الصغيرة التي علَقَتْ في شِباك صياد شرير ألقى بها في مياههم الراكدة بعدها قال لهم «Game Over»! دعوة للتصنيع هنا دعوة لترك الصراعات والتشنجات التي يحركها أشخاص من خارج الأوطان لأهداف غير معروفة تجهلها الشعوب وتنجرف خلف المشاعر بأهمية التغيير الذي لا يرى مساره، هناك سؤال كثير ما يرودنا ولا نستطيع الإجابة عليه لماذا المنطقة العربية فقيرة من المصانع، وهنا دعوة للمهندس بندر الخريف الذي استلم دفة الصناعة في المملكة حديثًا، إلى أن يكون هناك استثمارات لإنشاء مصانع عملاقة في المملكة أو في المنطقة، حيث يكون هناك منطقة صناعية تشترك فيها جميع الدول العربية، هل فكر وزراء الصناعة في الدول العربية في اختيار منطقة تقام عليها مصانع؟، الجميع يعلم أن الصعوبات والتحديات تتربص بالمشروعات، ولكن النجاح يولد من رحم الفشل أو الحاجة. الفرصة مواتية لا بد من استغلالها يا معالي وزير الصناعة، المملكة تحتاج في كل منطقة لمصنع، حيث يمكن اختيار نوع المصنع والصناعة من مقومات المنطقة، مثلاً، منطقة جازان يمكن أن يكون بها مصنع للأسماك.. وعلى هذا الغرار يكون القياس؛ التفكير المستقبلي هو الذي قاد الدول الصناعية إلى النجاح.