ويسألون عن الربيع العربي.. أين هو ذاك الربيع؟ لقد ذهبت رياح الثورات العربية بمعنى ومضمون الربيع، وجعلته خريفا أصفر فاقع اللون يوحي بمرض يصيب الجسد العربي وبدأ يزحف بالفوضى على باقي الدول المطمئنة ويثير القلق فيها. الثورات العربية للأسف ليست من ذلك السعد الذي نفرح به، فهي وعذرا لذلك، لم تكن سعيدة بل حمل بعضها سيلا من حمامات الدماء تجعلنا مضطربين ومحبطين جدا كشعوب عربية تتابع نشرات الاخبار وهي تتمنى من الله خبرا واحدا يجعلها تخلع عنها عباءة التشاؤم وترتدي عباءة التفاؤل، فالأوضاع في مصر وسوريا واليمن وغيرها من الدول أصبح عاديا أن تسمع نشرات الأخبار ليورد لك المذيع خبر سقوط عدد من القتلى في هذه الدولة او تلك، وذلك رغيف يومي لمتابعي النشرات الأخبارية الذين اعتقد بأنهم أصابهم نوع من الحصانة ضد الصدمات فأصبح عاديا جدا أن يسمع أحدهم أخبار الدم ثم يشرب فنجالا من القهوة ويتابع يومه. ظللت اتساءل منذ مدة.. هل ارتفعت نسبة زائري العيادات النفسية بعد أحداث الربيع العربي؟ دائما ما يطرأ هذا السؤال في ذهني، خاصة وأنني اعتقد وبفضل وسائل الاعلام والعولمة بأننا نتجاور لكون العالم أصبح قرية صغيرة، ولذلك فإنني مؤمنة بأن نسبة السعد في الوطن العربي باتت منخفضة وحتى شعوب العالم الأخرى اجتاحتها حمى التغيير والنحس الذي يحدث في الوطن العربي وأصبح لديهم أيضا حمى الثورات والفوضى والقلاقل، فالثوارات معدية وفايروس التغيير ينتقل عبر وسائل الاتصال والوجدان الجماهيري الذي يشترك في المعاناة. وإنني اتساءل وعام 2011 ذو الرجلين، كما اسمته المذيعة كوثر البشراوي منذ بدايته لأنه جاء برياح التغيير، ولا أوافقها الرأي لأن التغيير كان تخبطا، لم يحمل أية بشارة بالسير في طريق الديمقراطية المرجوة ولو خطوة واحدة .. ماذا استطعنا كشعوب عربية في هذا العام أن نصنع سوى ثورات ناقصة لم تتبلور نتائجها بعد وصدامات مدمرة مع الحكومات وقوى الأمن بعد سقوط بعض الحكام العرب وتسلط المؤسسات الدينية في أكثر من دولة ثائرة؟ لاشيء يذكر أوذا قيمة يتناغم مع الطموحات لتغيير حقيقي يرتقي بأمن وسعادة الثوريين. أحلم كشابة مثل كل شباب العالم بأن يكون عام2012 أخضر ومثمر ويحمل في طياته اهتماما أكثر بحقوق الإنسان في العالم والسلام والحب للجميع، وذلك لن يأتي إلا بإعادة نظر في تغيير الفكرة الثورية من جذورها، وأنها ليست مجرد هتافات وخروج للتظاهر في الشوارع وسيلان دماء فيها، التغيير تصنعه الأفكار المنطقية التي تتوافق مع الواقع وتطوره وتحقق أية مطالبات مشروعة، اما أن يفكر الجميع في أعمال البطولة على حساب السلام الاجتماعي والأمن الوطني، فإنهم يخسرون.