رأى عدد من القانونيين والأكاديميين والاقتصاديين أن حديث صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع لقناة سي بي إس نيوز الأميركية بدا جلياً للعيان بأن استراتيجيته تتجه بوضوح صوب تطوير البلاد في أبعادها الاقتصادية والقانونية، والابتعاد عن لغة الحروب ليحفظ بذلك بلاده ومكتسباتها وبناء جيل من الشباب والفتيات يبحث عن الرفاهية والاستقرار. قال المحامي ماجد قاروب "رئيس مبادرة تكامل للمعونة القضائية" إن حديث سمو الأمير محمد بن سلمان هو تأكيد للثوابت والمبادئ السعودية الأساسية منذ تأسيس هذه البلاد والأراضي الطاهرة حيث تطبق شرع الله خاصة فيما يخص الحدود والحقوق وحرمة دم المسلم والمواطن والمقيم من الاعتداء على ماله ونفسه وحرمته، وبالتالي قد لا يكون جديدا ما أكد عليه سموه وإنما كان تأكيداً لهذه الأسس والقيم، وأكد أن الجدولة ماضية في نهجها الإصلاحي والتطويري الذي يتم دائما من خلال التجارب والخبرات والأحداث التي تؤدي إلى تطوير التشريعات والمؤسسات والسلطات، لذلك من أهم النقاط التي تناولها سموه الكريم التأكيد على وجوب احترام التشريعات والقوانين القائمة حتى وإن كان بها شيء من القصور فهي واجبة الاحترام إلى حين تعديلها وتطويرها وهذه تؤكد على الكثير من الأسس التي تقوم عليها الدولة في احترام القوانين والسطات كل حسب اختصاصه، لذلك فإن أي اعتداء على أي مواطن أو إنسان تحت السلطة القضائية والأمنية السعودية محفوظ الحق في أن يتم الاقتصاص ممن اعتدى على المال أو النفس هو حقيقة يسري على كل من أعتدي عليه في ماله أو حياته أو عرضه وهذا هو ديدن السياسة الحكومية السعودية الرسمية. ورأى قاروب أن تحمل سمو ولي العهد للمسؤولية تجاه ما حدث لجمال خاشقجي هو دليل على قيادة سموه الشجاعة لإصلاح أي خلل، وتابع: شجاعة القائد والمسؤول وهي شجاعة رجل قانون بامتياز وهي الشجاعة الإيجابية التي توضح الحدود والصلاحيات والمسؤوليات التي يجب أن يتحملها كل شخص مسؤول وحدود صلاحياته ومسؤولياته في إطار من الحكومة الرشيدة التي نتطلع إليها جميعاً مع سموه لتكون الأساس الذي يحكم عمل جميع السلطات وهيئات الدولة. وتعليقاً على حديث سموه في أن "المملكة تحرّم التعذيب، وأي تهمة تثبت في هذا الأمر ستواجه بمحاسبة قوية، والتحقيق جار حول هذه الاتهامات"، أجاب المحامي قاروب: نحن دولة تحترم حقوق الإنسان والحريات والحدود والدين الإسلامي وحفظ كرامة الإنسان أيما كانت تهمته، وأي تجاوز لهذه الحقوق الأساسية للإنسان بما فيها الإنسان المتهم لارتكاب الجرائم يجب الاحتفاظ بكرامته وإنسانيته ويحصل على كامل الحقوق في مراحل التحقيق والتقاضي بما في ذلك تنفيذ الأحكام أيما كان نوعها وطبيعتها، وبالتالي فإن سموه هنا يشدد على أنه لا مجال للمساومة في مثل هذه الأمور التي تعتبر من نقاط التقدير الإنساني العالمي لمملكة الإنسانية المستندة للشريعة الإسلامية. الدكتور ظافر بن عبدالله الشهري عميد كلية الآداب بجامعة الملك فيصل رئيس نادي الأحساء الأدبي شدّد على أن عبارات الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- في اللقاء التلفزيوني لشبكة cbs بأنها واضحة وصادقة تنم عن روح القيادة الواعية، وفيها رسائل قوية موجهة للنظام الإيراني الفاشي الإرهابي بأن يعي هذا النظام أنه ما لم يغير قناعاته ويوقف أعماله العدائية فإن الضغط الدولي سيستمر، وأي تصعيد آخر سيكون رد الفعل عليه مختلفاً تماماً. ونحن ندرك أن سمو الأمير محمد بن سلمان يعي ما يقول ويحسب للمستقبل بما يحفظ للمملكة حقوقها ولشعب المملكة كرامته التي لا يمكن أن تخدش. وتابع الدكتور ظافر: تأكيد سموه على أن كرامة المملكة تعلو فوق كل الاعتبارات، وأن أمنها خط أحمر. يعني أن المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- قادرة بحول الله وقوته ثم بهمة وإرادة قواتها المسلحة وشعبها على حماية أمنها وأرضها ومكتسباتها من عبث العابثين وأمنيات الفاشلين والحاقدين مهما كانوا، فأمن المملكة وأمن مواطنيها واستقرارها على رأس الأولويات كما ذكر سمو ولي العهد. وبين سمو الأمير محمد أن أي محاولات إيرانية جديدة بالسلوك ذاته لن تمر بسهولة، كما أن ما جرى لم تطوَ صفحته بعد، والمجتمع الدولي متفاعل الآن أكثر من أي وقت مضى، والكل لديه قناعة تامة بأن الضغط على إيران يجب أن يستمر، والعقوبات يجب أن تُشدد لأن المملكة لا تريد الدخول في حرب ولكنها تريد من نظام طهران أن يرعوي وينصرف لتنمية شعبه بدلا من دعم الميليشيات وتبني الخراب والدمار وزعزعة أمن المنطقة واستقرارها، وتؤكد المملكة حرصها على تحقيق العدالة فيما يتعلق بقضية المواطن جمال خاشقجي ومواصلتها ذلك حتى النهاية، فمصرع جمال خاشقجي جريمة بشعة، بين الأمير محمد حرص القيادة على عدم تكرارها ومحاسبة المتورط فيها، وتحدث سموه عن إنجاز إصلاحات هيكلية عميقة في المؤسسات الأمنية والاستخبارية تمنع تكرار مثل هذه الجريمة، ورأى الشهري بأن حديث سمو الأمير محمد بن سلمان جاء صريحا وشفافا بعيدا عن المواربة، فالمملكة تنطلق في قوانينها من شريعة الله التي بنيت على الصدق والوضوح. الخبير الاقتصادي والأكاديمي الدكتور محمد بن دليم القحطاني قال: سمو الأمير محمد بن سلمان واضح من حديثه تأكيده على أن المملكة حريصة كل الحرص ألا تدخل في متاهات الحروب وإنما لديها هدف واحد وهو تعزيز الاقتصاد، وأكد سموه بأن شركة أرامكو السعودية جعلت منها شركة كانت ولا تزال محط أنظار العالم تميزت في قدرتها الفائقة ومرونتها الكبيرة التعامل مع حدث كبير، استطاعت بيد أبنائنا أن تتغلب هذا الهجوم في زمن قياسي، واعتبر بأن هذا مؤشر على امتلاك أرامكو القدرات الفنية والبشرية المؤهلة وتمتلك التكنلوجيا والمعرفة للتعامل مع حرائق كبيرة جداً تعجز الكثير من الدول التعامل معها. وتابع د. محمد: لفت سموه خلال حديثه إلى أن المملكة العربية السعودية منفتحة على العالم أجمع، واعتبر القحطاني بأن الاعتداء واضح بأنه جاء من إيران إلا أن المملكة بحنكتها السياسية تحكم العقل الاقتصادي لا العقل العسكري، كما أن سمو ولي العهد حرص كل الحرص في حديثه على تشجيع الشباب على الابتكار لتحقيق رؤية المملكة 2030، وكذلك وعد بأن يجعل مناخ المملكة الاقتصادي حيويا خلاقا استثماريا وطموحا وليس مناخ همه الحروب والدخول في مهاترات سياسية. الدكتور إبراهيم بن عبدالعزيز التركي رئيس مجلس إدارة رواد الدراسات العالمية رأى بأن حوار سمو الأمير محمد بن سلمان بأنه وفق أيما توفيق في ربطه الواضح والمقنع بأن استهداف المنشآت النفطية في المملكة لا يؤثر على المملكة فحسب ولكن على العالم بأسره، وهو بهذا يخاطب المواطن والناخب الأميركي والذي ما زالت ذاكرته تختزل تجارب سنوات مضت شح فيها النفط وتأثر بذلك، فالمواطن الأميركي الأكثر استهلاكاً للنفط في العالم، وهم بهذا سيتخيلون كيف سيكون وضعهم لو تأثرت إمدادات النفط في المملكة وبالتالي في العالم، وكيف سيؤثر على رفاهيتهم ورحلاتهم وتنقلاتهم، وهذا بدوره سيؤثر على المشرع الأميركي من أعضاء الكونغرس والذين لديهم درجة عالية من الحساسية تجاه المملكة، ما قد يساهم في تراجعهم قليلاً وتقليل هذه الحساسية، وأعرب عن اعتقاده بأنه من المناسب بذل المزيد من الجهود في هذا الاتجاه حتى يمكن التأثير على الرأي العام الأميركي والعالمي وبأدوات مختلفة كما أشار صاحب السمو في حديثه، وارتباط المملكة بالاقتصاد العالمي يزيد من قوة المجتمع السعودي وقدرة المملكة على تحسين أوضاع سكانها ومواطنيها. ماجد قاروب د. محمد القحطاني د. ظافر الشهري د. إبراهيم التركي