المتداول في الأخبار العالمية أن سوق البترول يحتكره البائعون (أو الكارتل كما تُسمى: منظمة أوبك). لكن لا أحد يتكلم عن احتكار المشترين (الوكالة الدولية للطاقة) في السوق العالمي للبترول. لقد تم إنشاء الوكالة الدولية للطاقة (IEA) العام 1974 لتقوم بدور التنسيق والتعاون بين الدول المستهلكة والمستوردة للبترول. تماماً مثل الدور الذي بدأت تقوم به منظمة أوبك فعلياً منذ العام 1973 بالتنسيق والتعاون بين الدول المنتجة والمصدرة للبترول. يقع مقر الوكالة الدولية للطاقة في باريس (غرب أوروبا) على بُعْد 1237كم من مقر منظمة أوبك في فيينا (شرق أوروبا). ويبلغ عدد أعضاء الوكالة الدولية للطاقة 30 دولة (ضعف عدد أعضاء أوبك البالغ 14 دولة). وكما أن منظمة أوبك تتعاون أحياناً مع بعض الدول المنتجة والمصدرة للبترول من خارجها كروسيا أو ما يسمى الآن: (OPEC +)، كذلك تتعاون وكالة الطاقة الدولية مع بعض الدول المستهلكة والمستوردة للبترول من خارجها كالصين والهند أو ما يسمى الآن: (association member). كذلك كما أن منظمة أوبك تضع أحياناً سقفاً أعلى للإنتاج الكلي من البترول الخام ونظاماً للحصص لأعضائها لوضع حد أدنى لسعر البترول، فإن وكالة الطاقة الدولية أيضاً تُلْزم أعضاءها بالاحتفاظ باحتياطي استراتيجي كلي يُغطي استهلاك 90 يوماً من صافي استيرادها من البترول، وأن تلتزم كل دولة عضو في الوكالة بالاحتفاظ بحصتها من مخزون الاحتياطي الاستراتيجي لوضع سقف أعلى لا يتجاوزه سعر البترول. بمقارنة الأخبار التي يتداولها الإعلام العالمي عن منظمة أوبك بالأخبار التي يتداولها الإعلام العالمي عن وكالة الطاقة الدولية، سنرى مدى التحيز الواضح ضد منظمة أوبك، فيصف أوبك بأنها منظمة احتكارية (كارتل) تستغل العالم بخفض إنتاجها للبترول ورفع أسعاره على شعوب العالم، بينما يصف الإعلام الغربي وكالة الطاقة الدولية بأنها منظمة حضارية تسعى إلى إيجاد الحلول لمشكلات الطاقة التي يواجهها الاقتصاد العالمي. الجميع يتكلمون ويشتكون باستمرار من ارتفاع سعر برميل البترول الخام الذي تحصل عليه الدول الأعضاء في أوبك لقاء بيع بترولهم. ولكن نادراً ما يتكلمون أو يشتكون من الضريبة العالية التي تحصل عليها حكومات الدول الصناعية (OECD) الأعضاء في الوكالة الدولية للطاقة من قيمة البرميل. وفقاً لنشرة أوبك الإحصائية السنوية للعام 2019 فقد بلغ متوسط الضريبة التي حصلت عليها حكومات الدول الأعضاء في وكالة الطاقة الدولية 49 % من قيمة البرميل للعام 2018. بينما نصيب دول أوبك 31 % فقط من قيمة البرميل. وإن النسبة الباقية من قيمة البرميل البالغة 20 % هي نصيب المصافي ومحطات التوزيع في الدول المستهلكة. ثم تبدي أوبك في نشرتها ملاحظة جوهرية فتقول: إن الضريبة تدخل إيرادات الحكومات المستهلكة صافية. بينما نصيب أوبك يشمل تكاليف الإنتاج والمصاريف الأخرى، والأهم قيمة ثروتها الناضبة تحت الأرض.