يشكل الفساد بجميع أطيافه خطراً على المجتمع وعاملاً مؤثراً على مقدرات الوطن وهو معول هدم لخطط وأهداف التنميه، وإذا ما انتشر في أي مجتمع فالنتيجة لا تحتاج إلى تخمين لنعرف أثره، فالفساد وحسب حديث الدكتور عبدالله زبن العتيبي ل"الرياض" يهدد أركان المجتمع ويهدم مبادئ وأسس تؤدي في النهاية إلى انهيار الخطط والاستراتيجيات التنموية وتعود بالمجتمع سنوات إلى الوراء، لذلك فإن النهج الذي تبناه خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين - حفظهما الله - في محاربه المفسدين كبارهم وصغارهم والشفافية في ذلك ومحاربته علناً يجعل الجميع يدرك أن أمر المحاسبة لكل تجاوز سيكون أولوية لهيئة مكافحة الفساد، وكذلك للجنة الإشرافية لمكافحة الفساد التي وجّه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بتشكيلها، لتتولى اللجنة اتخاذ جميع الوسائل والآليات اللازمة لتحقيق النزاهة، والقضاء على الفساد المالي والإداري، ومتابعة كل ما يتصل بذلك، بما يكفل سرعة البت في قضايا الفساد، والرفع بتقارير للمقام الكريم عما يتم بهذا الشأن أولاً بأول، وهو ما يؤكد اهتمام وحرص خادم الحرمين الشريفين وولي عهده على مسؤولية الدولة في مكافحة الفساد، بشتى صوره ومظاهره وأساليبه، والرغبة في رفع مستوى أداء وفاعلية الأجهزة الرقابية، على نحو يحقق أعلى درجات حماية النزاهة ومكافحة الفساد. إقرار وتعديل أنظمة سوء استخدام السلطة والرشوة والذمة المالية مطلب عاجل وأشار الدكتور عبدالله زبن العتيبي - نائب اللجنة الصحية في مجلس الشورى - إلى النتائج وردود الفعل للحزم الملكي بمحاربة الفساد وتعزيز الكفاءة والشفافية والمساءلة لكل مسؤول مهما كان موقعه، والتطوير المستمر في ممارسة المهام الرقابية، حيث انعكس على حسن أداء الأجهزة الحكومية والكفاءة في ظل اهتمام وتوجيهات خادم الحرمين وولي عهده بمحاربة أنواع الفساد ودعم القطاع العام نحو المضي في زيادة فاعلية الحكومة تحقيقاً لرؤية المملكة، لافتاً إلى مؤشرات إيجابية لنجاح الدولة في مواجهة الفساد، وأثر ذلك الملموس فقد نجح ديوان المراقبة العامة - الديوان العام للمحاسبة - بتوريد وتحصيل وتوفير ثمانية مليارات و844 مليون ريال لخزينة الدولة، ليرفع نسبة التحصيل خلال عام مالي واحد 409 % وهي سابقة منذ تاريخ إنشائه، ويتتابع الأثر في تعظيم المردود على الاقتصاد الوطني وحماية المكتسبات الوطنية والممتلكات العامة. توعية المجتمع وأكدت ل"الرياض" عضو لجنة حقوق الإنسان والهيئات الرقابية في الشورى د. إقبال زين العابدين درندري على أهمية معالجة عدد من الملفات التي تتعلق بمحاربة الفساد ومن ذلك الاستمرار في توعية المجتمع ودعم الالتزام السلوكي بالقيم والمعايير المهنية في العمل وتعزيز المواطنة التي بدورها تمنع سلوك الفساد، ولا تكفي المحاضرات العامة التي لا تصل إلى القيم والسلوك، واستكمال وضع وتعديل وإقرار أهم الأنظمة التي تكافح الفساد مثل سوء استخدام السلطة والاعتداء على المال العام والرشوة والذمة المالية وتطوير آليات متابعة مدى تطبيق الجهات والأفراد لها مع صلاحيات أكبر للمتابعة والضبط للهيئة والحصول على المعلومات، مع تطوير طرق الرقابة للأداء والتدفقات المالية وتغليظ العقوبات والتشهير بالمخالفين، مُشددةً على ضرورة تفعيل دور المواطنين والمقيمين بشكل أكبر كمشاركين في محاربة الفساد ووضع محفزات مادية ومعنوية مجزية للمبلغين وتحسين طرق التواصل معهم لتقديم البلاغات وفعالية متابعة البلاغات، داعيةً إلى التركيز على أهم مؤشرات الفساد ومعالجتها عن طريق تقنين الأنظمة والسياسات والإجراءات والمعايير الخاصة بهذه الجهات بشكل يجعل ارتكاب الفساد صعباً. وقالت: إن أهم المؤشرات التي تؤثر سلباً وهناك شكاوى كثيرة منها، هي الواسطة والمحسوبية في التعيين وتوظيف الأقارب والمحسوبيات وتجاوز الكفاءات، واستغلال النفوذ ومخالفة النظام لتحقيق مصالح ذاتية، وسوء الإدارة وتبديد المال العام والاختلاس منه بشكل مباشر أو غير مباشر، إضافة إلى الرشوة والتعاقدات مع الشركات أو الجهات التي لها علاقة بالمسؤول أو يمتلك أسهماً فيها أو يشارك فيها من الباطن أو باسم أحد أقاربه، وعدم توفير فرص متكافئة للأفراد والمؤسسات الكبيرة والصغيرة، وكذلك التلاعب في عقود الشراء والصيانة والتشغيل وشراء الأجهزة والأدوية، وتأخير المعاملات والبيروقراطية التي تؤدي للفساد. اهتمام كبير ورأت عضو لجنة حقوق الإنسان والهيئات الرقابية أن الفساد انتشر في كل مجالات الحياة وتنوعت أساليبه في كل أرجاء العالم وبما أن المملكة جزء من هذا العالم فلم تسلم من هذا الداء الخبيث فتسرب إلى بعض مؤسساتها رغم حزم وحرص ودقة المسؤولين، لذا فإن قيادة الدولة * حفظها الله - قد أولت هذا الملف اهتماماً كبيراً خاصة في السنوات الأخيرة حيث منحت الجهات الرقابية ومكافحة الفساد الاستقلالية والصلاحيات التي تسمح لها بالقيام بدورها بشكل كامل مع دعم كبير ومباشر من الملك سلمان - حفظه الله -، كما حرصت على سن التشريعات والحوكمة التي تضمن تفعيل دورها بشكل كامل، وعززت من جميع الإجراءات التي تساعد على الشفافية والتي تدعم عمل الجهات الرقابية في عمليات المراقبة والمحاسبية، ومن أهمها أتمتة الإجراءات والخدمات الحكومية، وتشديد الملك وولي عهده على أهمية مكافحة الفساد وأنه لن ينجو أحد من محاسبته على الفساد صغيرا أم كبيرا، حيث ترأس الأمير محمد بن سلمان ولي العهد لجنة عليا لمكافحة الفساد أعطى رسالة قوية للجميع، مبينةً أنه نلاحظ في اللجان المحاسبية التي شكلت مؤخرا وقرارات خادم الحرمين القريبة - والحديث للعضو درندري - جاءت بطابع تطويري وإصلاحي هيكلي يصب في تحسين أداء الجهات الرقابية وشملت تغييرا في بعض المسميات وبعض مسؤولي الجهات الرقابية بما يحقق متطلبات المرحلة والمصلحة العامة، وذلك أن النزاهة ومحاربة الفساد من أهم العوامل لتطور وتنمية المجتمعات وتحقيق رؤية المملكة والتحول الاقتصادي الذي يعتبر محورا رئيسا في تحقيق الرؤية. إنجازات كثيرة وأوضحت د. إقبال زين العابدين درندري أن الهيئات الرقابية حققت إنجازات كثيرة خلال السنوات السابقة حيث قامت بالعديد من الجهود والمبادرات المتعلقة بالأنظمة واللوائح لحماية النزاهة ومنع الفساد ومكافحته، وعملت مع عدة جهات على تطوير وتحليل العديد من الأنظمة والسياسات والإجراءات للتحري عن أوجه الفساد المالي والإداري وتحديد مخاطر الفساد والحد منه، وقالت: شهدنا تصاعدا في الأعوام الأخيرة في البلاغات الخاصة بمخالفات الفساد المالي والإداري ونقلة نوعية في إجراءات التبليغ وحماية المبلغين والتعامل مع قضايا فساد واسترداد مبالغ ضخمة لخزينة الدولة، وأعطى كل ذلك رسالة قوية للمجتمع بأنه لن ينجو أي شخص دخل في قضية فساد، مُنبهةً على أن هناك الفساد الصغير الذي يُمارَس من فرد واحد دون تنسيق مع الآخرين، وينتشر بين صغار الموظفين، وهناك الفساد الكبير والذي يقوم به كبار المسؤولين والموظفين لتحقيق مصالح مادية أو اجتماعية كبيرة، وهو أهم وأخطر، لتكليفه الدولة مبالغ ضخمة ولأنه يؤدي إلى تحقيق المصالح الفردية أو المجموعاتية على حساب الجهاز الحكومي بما يؤثر على العدالة وتكافؤ الفرص والنزاهة، ولفتت إلى أن من أهم العوامل التي تساعد على الفساد ضعف الوازع الديني والأخلاقي، وضعف المهنية وتغلب المصالح الشخصية على الوطنية والمصلحة العامة، والضعف أو الثغرات في القوانين والمعايير والأسس التنظيمية والقانونية التي تحارب الفساد، وضعف آليات التواصل و المراقبة والضبط والعقوبات. قرارات مساندة وحول قرارات مواجهة الفساد ومعالجة معوقات أداء الأجهزة الرقابية أكد رئيس لجنة الاقتصاد والطاقة في الشورى الدكتور فيصل الفاضل أن المجلس تنبه مبكراً لمعالجات الأجهزة المنوط بها مراقبة الأداء الإداري والمالي للملحوظات التي ترصدها وتكشف خلالها عن مخالفات صريحة وغير مباشرة لأنظمة الدولة المالية والإدارية والرقابية، وقدم قرارات تساند أجهزة الرقابة في متابعة ورقابة مشروعات الدولة، وصبت قراراته في مواجهة الفساد بشتى أنواعه ورفع إلى خادم الحرمين الشريفين ما يراه لمعالجة معوقات القطاعات الرقابية التي تواجهها أثناء أداء مهامها، وطالب مؤسسة النقد بالكشف عن حسابات المشتبه بارتكابهم جرائم فساد، ودعا الوزراء ورؤساء الأجهزة الحكومية الذين يرفضون التحقيق في الفساد إلى الاستجابة مع ديوان المراقبة وهيئتي الرقابة ومكافحة الفساد وتمكينها من ممارسة عملها وإجراء التحقيق في المخالفات وأوجه الفساد التي تحيلها إليهما، مما يدخل ضمن صلاحياتهما، وشدد المجلس على تزويدها الفوري بما تطلبه من معلومات ووثائق لمنع إفلات أشخاص وأموال من المحاسبة بسبب رفض تدابير الرقابة التحفظية والاحترازية، كما طالب بتسريع البت قضايا الفساد لدى جهات التحقيق، وتمكين منتسبي الأجهزة الرقابية من تأدية مهامها في الجهات المشمولة باختصاصاتها ومنح ديوان المراقبة العامة الاستقلال المالي ليناسب توجه الدولة في الإصلاح الشامل، وكذلك طالب من الأجهزة الرقابية تقريراً مفصلاً بالجهات التي تتجاهل ملاحظات المراقبة وكشف حجم مخالفاتها، كما حذر بعض الجهات الحكومية من عدم التعاون والرد على ملحوظات ديوان المراقبة وهيئة مكافحة الفساد والكشف عن الإجراءات التي اتخذتها لتحصيل المبالغ التي أبديت ملحوظات بشأنها، ودعا إلى امتداد الرقابة ليشمل مراقبة تنفيذ الخطط والبرامج والاستراتيجيات خاصة التي انعكاسات كبيرة على رفاهية المواطن وخصصت لها الدولة اعتمادات مالية كبيرة، وطالب هيئة مكافحة الفساد بدراسة واقع الفساد في القطاع الخاص، خاصة في القطاعات المصرفية والتمويلية والتأمين والمقاولات، ومدى تأثيره على القطاع العام، وحث المجلس الهيئة التركيز على مسببات الفساد ومعالجتها وإجراء الدراسات المسحية لجميع الظواهر واقتراح الحلول الإدارية والنظامية. د. عبدالله العتيبي د. إقبال درندري د. فيصل الفاضل