قام منتخب القاهرة تحت سن 21 بزيارة للرياض في النصف الثاني من شوال لعام 1392ه الموافق نوفمبر 1972م لخوض لقاءات ودية استهلها بملاقاة فريق الشباب وتعادل معه، وفي المباراة التالية بملعب الملز قابل النصر في 19/ 10/ 1392ه وفاز عليه بنتيجة غير متوقعة (6-3)، وكان المنتخب الضيف يضم كوكبة من نجوم الكرة المصرية في بداية بروزهم أمثال: محمود الخطيب وعبدالعزيز عبدالشافي (زيزو) وإسماعيل حفني ومصطفى يونس وصفوت عبدالحليم. ومن المفارقات أن زكي عثمان مدرب المنتخب القاهري كان قبل ذلك مدربًا للنصر، وهو ما مكنه من معرفة نقاط الضعف بفريقه السابق واستغلها في هذه المباراة لمصلحته. "دنيا الرياضة" أفردت صفحتها لتغطية هذه المباراة، وكتب تعليقها الزميل الأستاذ محمد الجحلان "رحمه الله"، ونشرتها الرياض في عددها (2281) بتاريخ 20/ 10/ 1392ه تحت عنوان (المنتخب القاهري يفوز على النصر بستة أهداف مقابل ثلاثة) وجاء فيه: سداسية غير متوقعة رغم كل التوقعات التي تشير إلى أن مباراة الأمس ستكون من الإثارة إلى حد ما، ورغم أن الدواعي إلى ذلك متوافرة، وإن كان أهمها انكشاف مستوى الفريق الضيف في مباراته الماضية أمام الشباب، وعامل آخر وهو أن مدرب النصر السابق زكي عثمان هو المشرف على تدريب الفريق الضيف، ما يوجد نوعا من الأهمية أو بالأحرى – التحدي- إذا صح هذا التعبير، وتصدر النصر للدور الأول يضفي أهمية أيضًا في هذا اللقاء الذي برز فيه النصر مستسلما خاصة في شوط المباراة الثاني. كنت أتوقع إثارة من النصر إذا أدركنا العوامل السابقة إلى جانب أنه محرج نظرا لتعادل الشباب والمنتخب ووجود العوامل الكثيرة في إمكانية فوزه وخاصة الثغرات المفتوحة في دفاع الفريق الضيف وأسلوب – اللامبالاة- في ألعابهم من بداية المباراة وحتى صفارة الحكم، ولكن شيئا من هذا لم يحدث، فقد كانت بداية الفريق النصراوي عادية جدا، ولم نر أي حماس مما تعودناه منهم سواء في المباريات المحلية أو مع الفرق الأخرى.. وإذا كانت الآمال معلقة بالنصر في إحراز نتيجة طيبة ومن النصر بالذات – وعندما نقول من النصر بالذات- فعلى أساس تصدره في الدوري والمحافظة على سمعته، فإن هذه الآمال تبددت عصر الأمس، وخرج الجمهور وهو يجر آثار خيبة آمالهم هذه، ولو أن النصر استغل فرصه الكثيرة بعد تعادله، فإنه بلا شك سيفرض تسيد الكرة حتى ينهي مباراته بالفوز الحتمي، وكل ما ذكرناه مع الأسف لم يحدث. كما قلت كانت المباراة عادية خالية من الإثارة والحماس، وعلى الرغم من توفر دواعي إثارتها، فقد تبددت تلك الدواعي، فالمنتخب الضيف كما قلت ظهر في مباراته أمام الشباب بمستوى عادي، خيب الآمال المعلقة عليه، وظهر الشباب في تلك المباراة هو الأفضل حتى نهايتها، وترقبنا جميعا أن يتغير الوضع في هذه المباراة، وعللنا ذلك بأن ظروف الجو وأرضية الملعب الصلبة هي التي حالت دون ذلك، ولكن في هذه المباراة تبين كل شيء، وثمة شيء آخر فإن – أسلوب اللامبالاة - أو البرود الذي لازم لاعبي الفريق الضيف حتى نهاية المباراة لا أجد له مبررا إطلاقا حتى كاد يودي بالفريق إلى الهزيمة، وهدفا النصر الأول والثاني ناتجان عن ذلك. بدأ المصريون هذا الشوط ألعابهم القصيرة داخل نطاق محدود لا يتعدى منطقة الثمانية عشر النصراوية كأسلوب لسحب مدافعي النصر، وبالفعل أثمرت تلك عن إحراز أول أهداف المباراة عندما حرر اللاعب عبدالعزيز عبدالشافي كرة لإسماعيل حفني، وينفرد الأخير بالمرمى ويضعها على يسار جوهر المرزوق كهدف أول لم يبذل فيه الهدياني قلب دفاع النصر أي محاولة لعدم تمكينه من تسجيل هذا الهدف المبكر، الذي أعقبه المصريون أيضًا بالهدف الثاني عندما رفع – زيزو- الكرة من الكورنر لتجد رأس مصطفى يونس يودعها المرمى، وبعد هذا الهدف تقلصت خطورة المنتخب، وبدأت ألعابه تميل إلى طابع التمريرات القصيرة بين أفراده، ولكن دون محاولة لتعزيز نتيجتهم، ولكن أبا عيد لم يمكنهم من ذلك عندما خطف الكرة من الظهير الأيمن للمنتخب، وحاول كسرها داخل منطقة الجزاء ويعترضها أحد المدافعين بيده ليحتسبها الدهام ضربة جزاء – بنلتي- فيتصدى لها عيد الصغير مسجلا أول أهداف فريقه، وهنا بدأ النصر في محاولة للتعادل، وأخذت هجماته طابع الجدية، واستمر الضغط على فريق المنتخب فترة طويلة، ولكن سوء التهديف ورعونته أضاعا هذا المجهود، ومن كرة حاور بها عبدالعزيز عبدالشافي ثلاثة من مدافعي النصر، ويلعب الكرة طويلة للخطيب يعترضها الهدياني ويحاول إرجاعها إلى الحارس، ولكن بتوقيت سيئ ليخطفها الخطيب مسجلا الهدف الثالث، وكما قلت في بداية تعليقي فإن البرود ما زال ملازما لأفراد الفريق الضيف، فبدأ التهاون بعد هذا الهدف، وكنت أعتقد أن هدف محمد سعد الثاني عندما انفرد بالمرمى ليسجل هدفا آخر بفريقه سوف يحرك الشعور للفريق الخصم، لكن أخطاء الدفاع المتكررة زادت من تأزم وضعه عندما ترك ناصر الجوهر بمفرده دون مراقبة ليسجل هدف التعادل لفريقه من كرة رفعها الدنيني خارج منطقة الجزاء إثر "فاول" ارتكبه اللاعب رقم 3، وبعد هذا الهدف حاول النصر أن يحرز الفوز، وزاد من مواصلة ضغطه فترة طويلة لكن دون نتيجة. وقبل نهاية الشوط الأول بدقائق، ينفرد زيزو بالمرمى ويعترضه حارس النصر جوهر المرزوق، ويرتكب معه خطأ يحتسبه الحكم "بنلتي" يسدده اللاعب رقم 6 لتصبح النتيجة 4-3 لمصلحة الفريق الضيف، وشوط المباراة الأول هذا رغم علاته إلا أنه أحسن بكثير من شوط المباراة الثاني خاصة من جانب النصر الذي فتر بشكل ملحوظ. الشوط الثاني بدأ هذا الشوط رتيبا مملا خاليا من اللمحات الفنية، ولم يكن هناك أي خطورة تذكر من جانب النصر باستثناء كرة لعبها محمد سعد قوية بجانب القائم، وحصل بعض التغيير في قائمة النصر؛ حيث لعب ناصر الجوهر بجانب محمد سعد ليلعب الدنيني جناحا أيمن وأبو عيد جناحا أيسر وخالد التركي بجانب سعد الجوهر ويلعب الشئون ظهيرا أيمن، ولكن هذا التغيير لم يجد. وكنت أتوقع أن يتغير أسلوب المنتخب خاصة ويتحول إلى حماس نظرا لخطورة الموقف؛ حيث إن النصر تعادل معهم ولم يأت الفوز إلا في نهاية الشوط الأول، وبإمكان النصر أن يتعادل، ولكن المنتخب استمر في أسلوبه هذا واعتقد أنها محاولة لإماتة أعصاب الفريق المقابل وإلا ما معنى استمرار شوطين على هذا النهج. وكنت آمل أيضًا أن يحاول النصر تغيير وضعه ليظهر في مستوى مشرف يعكس ما ظهر به في الشوط الأول، ولكن فتورهم استمر تدريجيا حتى نهاية المباراة، ما مكن الفريق المقابل من تسجيل هدفين آخرين عندما خرج زيزو ليلعب رقم 12 بديلا عنه، ويحاور الأخير بالكرة اثنين من مدافعي النصر وينفرد بالمرمى مسجلا الهدف الخامس لفريقه، وبعد هذا الهدف بخمس دقائق يسجل اللاعب صفوت الهدف السادس والأخير عندما حاور اللاعب رقم 12 بالكرة وسحب الدفاع معه وأرسل الكرة طويلة إلى زميله انتهت أهداف الفريقين، وقد ضاعت على الفريق الضيف عديد من الفرص، ولعل ضعف منطقة الوسط لدى النصراويين ساهم في الهزيمة، فسعد الجوهر لم يكن كعادته نشيطا وصانع ألعاب فريقه، والصفيان وخالد التركي أخيرا لم يعدلا من الوضع شيئا، ثم إن مدرب النصر وقع في خطأ كبير وهو اعتماده على محمد سعد في استغلال سرعته، علما بأن هذا الأسلوب يعرفه زكي عثمان ما جعل محمد سعد يقف مكتفا من اللاعب رقم 5، ورغم ملاحظة مدرب النصر ذلك في الشوط الأول، إلا أنه لم يعدل من الوضع شيئا في الشوط الثاني. وهكذا انتهت هذه المباراة بفوز منتخب القاهرة تحت سن 21 سنة بستة أهداف مقابل ثلاثة للفريق النصراوي. (محمد الجحلان) أول أهداف النصر أحرزه عيد الصغير من ركلة جزاء ضوئية لتغطية "دنيا الرياضة" مباراة النصر أمام منتخب القاهرة (20/ 10/ 1392ه) جانب من المباراة التي شهدت تسعة أهداف من الفريقين نجم الكرة المصرية محمود الخطيب (بيبو) سجل الهدف الثالث