دعمت بيانات قادمة من الصينوالولاياتالمتحدة الأميركية خلال الأسبوع الماضي أسواق النفط التي شهدت وتيرة تصاعدية لأسعار خام الإشارة برنت الذي دار ضمن نطاق 60 - 61 دولاراً في غالب تداولات الأسبوع، وأشارت تلك البيانات إلى وجود أجواء تهدئة في ملف النزاع التجاري بين الولاياتالمتحدةوالصين عبر اتفاق لإجراء محادثات فيما بين البلدين أوائل أكتوبر القادم، كما عززّ أجواء دعم أسواق النفط بيانات أخرى إيجابية قادمة من القطاع الخاص الصيني بالإضافة إلى ما يمر به قطاع النفط الصخري الأميركي من ضغوط مالية وإفلاس لبعض الشركات هناك، كذلك من عوامل الدعم التي ما زالت تؤثر في الأسواق النفطية مستويات الإنتاج النفطي للدول المُعفاة من اتفاق الخفض النفطي OPEC+، فقد سجّل إنتاج إيران ما بين شهري يونيو ويوليو الماضي تراجعاً بمقدار 12 ألف برميل، حيث كان إنتاجها في يونيو 2.225 مليون برميل يومياً وفي يوليو 2.213 مليون برميل يومياً، وليبيا التي سجّلت تراجعاً في حجم إنتاجها لنفس الفترة بمقدار 35 ألف برميل حيث بلغ إنتاجها في شهر يونيو 1.113 مليون برميل يومياً ويوليو 1.078 مليون برميل يومياً. يشكّل تخطّي الأسواق النفطية لشهر أغسطس الماضي خروجاً من عنق الزجاجة -إن استمرت بذات أداء الأسبوع الماضي- حيث اشتمل شهر أغسطس على أسوأ أداء لأسعار النفط منذ يناير الماضي، وأضعف متوسط سعري لخام الإشارة برنت الذي كان عند 59 دولاراً مقارنةً بأدائه في الأشهر السابقة، حيث كان متوسط سعر خام برنت في فبراير الماضي عند 64 دولاراً ومارس 66 دولاراً وأبريل 71 دولاراً ومايو 69 دولاراً ويونيو 62 دولاراً وأخيراً يوليو 63 دولاراً، أما شهرا يناير وأغسطس فقد سجّل خام برنت ذات المتوسط السعري الذي كان عند 59 دولاراً، وبوجهٍ عام فإن المؤشرات بالأسواق النفطية تدلّ أن هنالك تراجعاً لحدّة تأثير عوامل الضغط على أسعار النفط؛ فالنفط الصخري الأميركي يعاني من عدّة مشكلات في الإنتاج والشركات العاملة في القطاع يرافقه انخفاض في عدد الحفارات هناك، كما أن بداية المفاوضات بين الجانبين الأميركي والصين في ملفهما التجاري ينبئ عن نية الخفض في وتيرة الحرب التجارية على أمل الوصول إلى اتفاق، ولا يقلّ أهمية عن ما سبق ذكره من مؤثرات الاجتماع المقرر عقده الشهر الجاري لمنظمة OPEC في دولة الإمارات وما ينتج عنه من مخرجات، فالأسواق النفطية في حالة ترقّب لما سيخرج به الوزراء نهاية الاجتماع التي من المؤكد أن تكون داعمة لاستقرار أسواق النفط. وتشير المعطيات الراهنة إلى استمرار تدافع تأثير العوامل الحالية في الأسواق النفطية لبقية الربع الجاري من العام، وأن يدور خام برنت في نطاق 58 - 65 دولاراً، كما أن تباين دلائل الأسواق بين الحين والآخر كفيلة بإعادة صياغة التوقعات المستقبلية في أسواق النفط، حيث كانت معطيات الأسواق في بداية شهر أغسطس المنصرم تشير إلى ضرورة تدّخل منظمة OPEC لدعم الأسواق والحفاظ على أسعار النفط ضمن نطاقات مريحة للمنتجين والمستهلكين على حدٍ سواء إلا أن هناك عدّة أمور ترجّح عدم إقدامها على اتخاذ أي قرار خلال الاجتماع المقرر عقده الشهر الجاري في دولة الإمارات العربية المتحدة، من أهمها نمو التزام الدول الأعضاء في اتفاق OPEC+ لمستويات أعلى من الحصص المقررة لهم سلفاً في 7 ديسمبر 2018م، فقد ارتفع معدل امتثال الأعضاء ما بين شهري مايو ويونيو الماضيين 163 ألف برميل يومياً كخفض إضافي فوق مستوى الحصص، وذلك من 927 ألف برميل يومياً في مايو إلى 1.09 مليون برميل يومياً في يونيو، كما ارتفعت معدلات الامتثال ما بين شهري يونيو ويوليو 145 ألف برميل يومياً، وذلك من 1,09 مليون برميل يومياً في يونيو إلى 1,2 مليون برميل يومياً في يوليو كذلك وجود عدّة مؤشرات تدلّ على قوّة الطلب العالمي على النفط وزيادة معدلاته فيما تبقى من العام الجاري 2019م ؛ نتيجةً لعودة المصافي النفطية من برامج الصيانة الدورية وارتفاع معدل تشغيلها، كما تضلّ جولة المفاوضات التجارية بين الولاياتالمتحدة الأميركية والصين محل اهتمام أوساط الصناعة النفطية؛ لدورها البالغ في التأثير على الأسواق، حيث إن أي تقدّم يتم تحقيقه بين الجانبين يعني المزيد من الدعم للأسواق، وهو ما سيحظى بالمتابعة خلال الفترة المقبلة، ما يعني أن الأسواق ما زالت تتشّح بالضبابية تجاه التوقعات المستقبلية، إلا أن ذلك لا يعدّ مبرراً للكثير من التحليلات المتشائمة كثيراً تجاه التوقعات المستقبلية فالأسواق العالمية إلى الآن تشير إلى وجود تباطؤ في معدلات النمو ولكنه لا يرتقي إلى مستويات الركود، وهو ما يؤكده عدد من خبراء الأسواق العالمية، غيرَ أن هنالك مبالغة كبيرة في المخاوف جرّاء أداء الأسواق ما شكّل عامل ضغط على مستويات أسعار النفط.