ليس هناك أكثر قسوة على الأبناء من أن يدخلوا يوماً على آبائهم، فيجدون أحدهم يتساءل في غرابة: من أنتم؟!. هكذا يفعل ألزهايمر ببعض مصابيه، إنه يلغي تاريخهم بلحظة، ويُفقدهم العلاقات، والمشاعر الإنسانية، ويجعلهم تائهين، يشعرون بالوحدة الدائمة، وأنهم في مكان لا يعرفونه، ولا يعرفون من فيه، وتختلف من حالة إلى حالة حسب ما يحيط بالمريض من مكونات. الأرقام المُعلن عنها حول هذا المرض ليست مخيفة.. بل مرعبة. لدينا في المملكة أكثر من (130) ألف مصاب بالمرض تقريباً، وبحلول الأعوام المقبلة سيتضاعف العدد للأسف. أما عالمياً فتحدث حالة إصابة تقريباً كل 3 ثوانٍ. ولا تقف الخطورة عند الإصابة، فقد أصبح المرض أحد أسباب الوفاة، وصار عدد من يموتون بسببه ربما يفوق عدد من يموتون بسبب سرطان الثدي، والبروستاتا مجتمعين. لكني من كثرة ما قرأت عن هذا المرض أصبحت رافضاً للتسليم التام بالعجز أمامه، كما يفعل البعض؛ فالدراسات الطبية تقول إنه كلما كان تشخيص هذا المرض مبكرًا زاد متوسط عمر المصابين به. والتشخيص يمكن لأهل المريض القيام به، فهناك علامات يمكنها أن تكشف لهم الإصابة، كأن ينسى المريض بانتظام تناول أدويته، وتصبح لديه مشاكل في الكلام واللغة، فتراه يبحث بصعوبة عن الكلمات المناسبة لما يريد قوله، كما يصبح كثير التساؤل عن سبب وجوده بالمنزل وكأنه لا يعرفه، ولا يعرف من فيه. من بين العلامات الأخرى أن ينسى المريض نفسه، ويتوه إن خرج برفقة أحد وابتعد عنه لأي سبب، وعندما يعود لبيته قد يصعد مثلاً للطابق العلوي، ويدخل بعض الغرف ويراها غريبة عليه، كما تراه أحياناً مرتبكاً لا يعرف اليوم، أو الشهر الذي يعيشه، ويسأل عنهما دائماً من حوله. وإذا حدث ذلك للمريض فسيكون من الطبيعي أن تجد مزاجه كثيراً سيئاً، ويشعر بالضيق، أو الاستياء بسهولة، ويفقد الثقة بنفسه، وكذلك بأنشطته اليومية المعتادة، وتنتابه حالات من القلق والاهتياج. هذه أكثر العلامات القوية على الإصابة بالمرض، فليس كل نسيان يكون زهايمر، وإذا اعتنت الأسرة، وبادروا بمتابعة طبيب مختص بهذا المرض، فقد يساهمون بتخفيف تلك الأعراض. لكن للأسف كثير من الأسر تعتبر هذا المرض مسيئاً لسمعتها، ويخشون من أن يقول أحد عن كبيرهم إنه "خرف"، ولم يعد يعرف كوعه من بوعه، ومن هنا تأتي أهمية دعم "الجمعية السعودية الخيرية لمرض ألزهايمر"، فهي تدرك طبيعة المجتمع السعودي، المترابط الحريص على تقديم أفراده بالصورة الأمثل، ولذلك تساعدهم على دعم المريض دون أن يضطروا للإفصاح عن ذلك. هذه الجمعية بحاجة لمساعدة المجتمع ككل، فلا أحد يعرف كيف سيكون حاله عند الكِبر، وربما لو ساعدها اليوم فربما تكون سنده بعد الله غداً