مع بداية العام الدراسي بدأنا عامنا الهجري، بداية جديدة لتجارب جديدة في قطاع التعليم تحديداً، الذي كثيراً ما يكثر حول قراراته اللغط والنقاش، ربما لنشاط وتفاعل منتسبيه في شبكات التواصل الاجتماعي، أو لأنه الأكثر حراكاً وتغييراً بين القطاعات الأخرى. ولو صدق ما يُشاع حوله من تكهنات بأنه الآن في حالة مخاض بعد أن حُمّل بأعباء كبيرة لتتناسب مع الرؤية التي تتبناها المملكة العربية السعودية، فهذا المخاض يراه البعض متعسراً لكثرة الارتجال فيه، وآخرون يرونه ديناميكياً يسير في تسارع شديد نحو أهداف مرسومة لكنها لم تتضح بعد! وفي كلتا الحالتين هو في تغير مستمر، وهذا التغيير قد لا يكون مريحاً، وقد لا يمر بيسر وسهولة على منتسبيه ومن هم داخله أو معنيون به؛ لأنه في بعض حالاته يعتبر تغييراً جذرياً، وهذا النوع من التغيير هو الأصعب على التأقلم والأكثر مقاومة. من المفيد جداً أن يفهم من هم داخل قطاع التعليم ومن هم مسؤولون عنه أن هذا التغيير يولد توتراً وضغوطاً قد تكون لها آثار جانبية على ما هو مخطط بأن يكون له نتيجة في رفع درجة كفاءة التعليم ومعطياته أو مخرجاته. وبسبب ذلك هنالك من ينادي بضرورة الاعتراف والإدراك بأن الأزمة الحقيقية في التعليم حالياً هي وجود فجوة لم تردم بعد، تتسع وتصغر من وقت لآخر، إلا أنها لا تزال موجودة بين من يخطط ومن يعدّ وبين من ينفذ أو يطَالَب بالتنفيذ. المسارات التي اتجهت بها مجموعة من القرارات كثيراً ما كانت متوازية، ولم تتقاطع في نهايتها لتحقق الهدف، وهذا ما يقلق المهتمين بالتعليم وشؤونه حول الفجوة المزعومة، والتي تربك الأوساط التعليمية بعد إلزامها بتنفيذ قرار بمجرد صدوره. الجاهزية التي تقاس على أرض الواقع هي المحك الحقيقي لما هو مخطط له على الورق، فما كان مدروساً منها يناله النجاح في وقته دون زعزعة أو ارتباك، أما ما هو عكس ذلك فيكون عبئاً حقيقياً على من هو ملزم بتنفيذ ما أعلن عنه وصدر بقرار. خصوصاً أن هذه القرارات تنفذ في أماكن ومدن مختلفة تتباين في إمكاناتها وفي ذهنية مجتمعاتها ومدى تجاوبهم أو تقبلهم لما يجدّ عليهم فيما يخص التعليم. فلو بُذلت جهود أكبر لردم الفجوة ولتدعيم التواصل بين صناع القرار ومنفذيه لسارت الأمور بسلاسة نحو ما خطط لها دون الحاجة للقفز فجأة أو التراجع أحياناً تارة هنا وتارة هناك مع كل فكرة تطبق أو يراد لها ذلك بقرار. نأمل أن يكون هذا العام الهجري الجديد عام خير وبركة، وأن توفق فيه جميع الوزارات والقطاعات لتحقيق ما ارتأته من سبل لتحقيق الرؤية ومواكبة المسيرة نحو 2030 وكل عام والجميع بخير.