لا يمكن أن يخلو اليوم جهاز خلوي من قروبات العائلة التي تضم عدداً كبيراً من الأفراد الذين ينتمون لأسرة واحدة في قروب واحد يشتركون فيه، وقد جرت العادة أن يتم تبادل الآراء والأفكار والملاحظات في هذا القروب بين الأقارب كنوع من التواصل والتقارب، أو ربما لمعرفة الأخبار التي يمكن أن تغيب عن البعض في تلك الأسرة كوفاة قريب، أو زواج آخر، أو مرض البعض من الأقارب، أو ترقي أحدهم لمنصب، أو تخرج ابن من التعليم العالي، وربما وصوله من إحدى الدول التي ابتعث للتعليم فيها، وعلى الرغم من بعض الفائدة التي يجنيها منتسبو هذا القروب إلاّ أن البعض حذر من سوء الفهم الذي يتسبب به هذا القروب، والذي يدفع في بعض الأحيان إلى الخلافات ثم القطيعة بين أفراد العائلة الواحدة، وربما اشتعل الخلاف بين أكثر من شخص لتعصبه لفريق كرة قدم فرمى كلمة حادة على ابن عمه، فيما لجأ ابن العم إلى فتح ملفاته القديمة نكاية في هذا الفرح الذي يراه غير مبرر، فيشتعل القروب ويقوم ولا يقعد وتحدث مرة أخرى القطيعة. وعلى الرغم من أن قروبات العائلة لها فوائد في نقل الأخبار التي تستوجب الواجبات الاجتماعية والتي ربما لا يعلم عنها البعض بسبب انشغالات الحياة، إلاّ أنه في المقابل تعتبر مثل هذه القروبات مثار الاختلاف والتخلف في بعض الأحيان، فمن يديرها قد لا يملك القدرة على ضبط ما يحدث في أروقتها، وربما من يشارك فيها لا يملك القدرة على وضع كنترول لبعض عباراته أو مشاركاته، فهل قروبات العائلة عادة تبني علاقات صحية وتطور من مفهوم التواصل بين العائلة الواحدة بحسب زعم البعض أم أنها قروبات تدفع إلى توسيع رقعة الخلافات ويجب تجنبها ومقاطعتها؟ سوء فهم تحكي ريم عبدالمجيد - ربة منزل - تجربتها في قروبات العائلة: إنها على الرغم من تحقيقها مكاسب فيما يتعلق بمعرفة الجديد في أخبار العائلة: من تزوج؟ ومن تطلق؟ ومن وُلد له مولود؟ ومن ترقى إلى منصب؟ ومن غادر البلاد؟ وفي ذلك سبيل لأداء الواجب الاجتماعي في التواصل والتبريك والتودد، إلاّ أنها في المقابل كثيراً ما تتسبب في سوء الفهم الذي يوقع في مشكلات تبدأ صغيرة ثم ما تلبث أن تكبر، خاصةً على مستوى الأمهات، مستشهدةً بالموقف الذي مرت به والذي دفعها لأن تتجنب المشاركة الكثيرة في قروبات العائلة بالتعليق، فذات يوم وجدت خبراً في قروب العائلة ينبه أن فلاناً من الأقارب يرقد في المستشفى في حالة حرجة، وكانت تعلم أن هذا الرجل تعافى وخرج فكتبت تعليقاً «هذا في السابق، ولكن فلاناً ولله الحمد تعافى وخرج من المستشفى»، إلاّ أن الرد جاء صادماً ممن كتبت التعليق، حيث اتهمتها بأنها تقصد تكذيبها وأنها ترفض هذا التلميح، وحينما حاولت شرح موقفها غير المقصود انهالت التعليقات بين مؤيد للرد ومعارض حتى كبرت المشكلة وتحولت إلى خلاف وصلت أخباره إلى زوجها. إثارة القطيعة ورأت هاجر البوحسين - تعمل في الحقل التعليمي - أن الكثير من القروبات تتسبب في إحداث الخلافات لاسيما قروبات العائلة، فالكثير منها يسمى بعدة أسماء تتخذ شكل المحبة والتواصل فيطلقون على قروبات العائلة ب»قروب صلة الرحم» والبعض يطلق عليه مسمى «قروب الأحباب»، في حين يفضل البعض تسميته بقروب «عائلة الفلان عز وشرف»، مضيفةً أن هذه المسميات للأسف لا تكشف حقيقة فحواها، فالكثير من قروبات العائلة تسبب الخلافات والمشكلات الأسرية، فليست قروبات صلة ولا قروبات تراحم ولا قروبات عز وشرف، إنما الكثير منها يسبب الفتن ويثير القطيعة، مؤكدةً على أن الكثير منها تسبب بإشعال خلافات في أسر لم تحل حتى اليوم على الرغم من أنها أسباب تافهة لا قيمة لها. قناة إخبارية وأوضحت عائشة إبراهيم - خبيرة في شؤون الأسرة - أن أسلوب قروبات العائلة التي أصبحت منتشرة في الوقت الحالي والتي تقوم فكرتها على إضافة جميع أفراد الأسرة الواحدة في قروب واحد في الواتساب أو في أي وسيلة تواصل أخرى، فكرة في بداياتها كانت تقوم على مبدأ الأخبار وكأن هذا القروب عبارة عن قناة إخبارية تبث أخبار العائلة المهمة من أفراح وأحزان حتى يتسنى للكثير معرفة ما يحدث فيقوم بأداء الواجب، ويكون الجميع على دراية بأخبار العائلة دون نقاش أو تبادل لموضوعات قد تحدث الخلاف، وربما هذا الشكل من التواصل كان يؤدي الهدف منه بشكل كبير إلاّ أن المشكلة حينما تحول هذا القروب إلى نقاشات يتبادل أصحابها الكلام فيه طوال اليوم بالنهار والليل، ويتم إثارة الأحاديث والموضوعات المسببة لسوء الفهم وربما تبادل البعض النكت غير اللائقة أو التعليقات غير المرغوبة، وربما وصلت الحال إلى أن يشكك بعض المنتسبين لهذا القروب بقرابة أحدهم للعائلة فيتحدث عن أصل العائلة وعن تفرعات شجرتها فيحدث الانشقاق والخلاف الكبير ثم القطيعة، لذلك يستوجب في مثل هذه الحالات مقاطعة مثل هذه القروبات؛ لأنها كثيراً ما توقع في الشحناء والبغضاء. تدني الفكر وذكرت عائشة إبراهيم أن قروبات العائلة للأسف كشفت عن تدني الفكر لدى الكثير من أفراد المجتمع؛ لأنها أصبحت تدار بتسطيح شديد وبتحامل أشد، وهنا يجب مقاطعة مثل هذه القروبات؛ لأنها تسببت في الكثير من الخلافات العائلية، وهذا لا يحدث فقط على مستوى الكبار من أفراد العائلة، مبينةً أن المشكلة سحبت إليها الصغار والأطفال الذين بدورهم أسسوا قروبات لهم وأخذوا يتبادلون التعليقات المسطحة والمشاكسات غير المقبولة، مشيرةً إلى الدور الذي يجب أن يقوم به أفراد الأسرة لاسيما الوالدين في توجيه الأبناء إلى الحدود التي يجب ألا يخرجوا عنها في مثل هذه القروبات مع تجنب التعليقات السلبية التي توقع في الكثير من الحرج. قروبات العائلة مهمة في التواصل إلاّ أنها قد توقع في سوء الفهم