لم يعد الغش يخفى كثيراً، إذا لم يقع الغشاش اليوم فسوف يقع غداً، بعد انتشار وسائل النشر الحديثة صار كل غشاش يتمنى ألا يقع في أيدي نشطاء السوشل ميديا، ويتمنى أن يقع إذا كان سيقع في أيدي مراقبي البلدية وتنتهي قضيته بتطبيق العقوبات دون مجاهرة، لكن الأمر أصبح متاحاً لكل من يكتشف حالة الغش ليفضحها على الملأ. هل أصبح الغش محاصراً؟ قد يبدو الأمر كذلك، التمادي في تصوير محلات الغش وأوكاره سلاح ذو حدين، سيرفع من مستوى الأمانة عند التجار ولكنه قد يثير الفزع والريبة عند الناس، من يضمن لي أن هذا المطعم نزيه أو لم يكتشف بعد. بعد أن يشاهد المرء فيديو حشرات تتجول في فترينة محل حلويات راقٍ ويشاهد كيف تصنع المعجنات في حمامات البيوت الخربة، ويعرف أن المطعم الفلاني يستخدم لحماً منتهي الصلاحية، ويكتشف أن السوق مليء بعطورات وجولات مغشوشة، لن تتوقف الصور السيئة التي شاهدها في حدود ما شاهد، سوف تكون معياراً لكل مطعم يؤمه أو بضاعة يشتريها، كثرة نشر الصور المقززة سوف تثير الذعر بين الناس، ستحط من الثقة في الأعمال. أخشى أن تنتقل سلطة البلديات إلى أيدي كل من يملك جوالاً، وربما تتحول إلى ابتزاز، لا بد من تنظيم هذا النوع من النشر وفقاً لقوانين محددة، في بعض الدول حتى في حال جريمة قتل وهي أعظم الجرائم إذا لم يلق القبض على مرتكبها وفقاً لقوانين القبض تعتبر محاكمة المتهم باطلة، عندما تنشر الصحف الرسمية حالات غش فهي تتحرك وفقاً لقانون النشر، والصحف تملك سلطة قانونية لكن ليس كل من امتلك جوالاً اكتسب ذات السلطة. أقترح وإن بدا هذا تحيزاً أن يتعاون أصحاب السوشل ميديا مع الصحف، أن تسبغ عليهم الصحف قانونية وضعها، لكي تنشر هذه المواد وفقاً للقوانين التي تنظم الصحف، تباع على الصحف وتنشرها الصحف على مسؤوليتها. السؤال الذي ما أنفك أسأله: هل يطال العقاب (كفيل) الغشاش إذا كان الغشاش غير سعودي؟، هل يعاقب الكفيل لأنه يملك مؤسسة لا يعرف ما الذي يدور فيها؟، نلاحظ أن معظم حالات الغش التي تنشرها السوشل ميديا يظهر فيها عمال غير سعوديين، تبدو المسألة كأنما هؤلاء يتحركون وحدهم ويتخذون القرارات وحدهم ويتحملون المسؤولية وحدهم، هذا غير صحيح وغير عادل، صاحب المنشأة هو المسؤول الأول، هو المراقب الأول قبل البلدية وقبل السوشل ميديا، إذا كان يعلم فهو المسؤول عن الغش، وإذا كان لا يعلم فهو متستر على عصابة.