إن كان ثمة بطولة تُسطّر لأخبار وأحداث الأسبوع الماضي فالبطولة كانت بلا منافس لوزارة التعليم؛ والتي سيطر فيها خبر إعادة وضع المناهج الجديدة وتصويب (التاريخ) في كتاب ومقرر الدراسات الاجتماعية على مواقع التواصل الاجتماعي، واكتساحه موضوعات الأخبار الصحفية والإعلامية المذاعة عموماً، واستبشار المجتمع السعودي بهذه الخطوة التصحيحية الحقيقية في مسار المقررات التعليمية، وتنقية مناهج أهم مؤسسات الدولة من مخلَّفات وفكر مشروع الصحوة السياسي، الذي ظل لعقود يُوهم أجيال هذا الوطن بأن الدولة العثمانية هي امتداد للخلافة الإسلامية، ومزيّناً لها، وممجداً دون الكشف عن حقيقتها التاريخية وما ارتكبته من جرائم ضد أهالي المملكة. وذلك ليس جهلاً بحقيقة الدولة العثمانية الغازية أو بسبب سقوط تلك الحقائق والمعلومات سهواً من مؤلف كتب مناهج التاريخ السابقة؛ إنما ما كشفت عنه الأيام فيما بعد وأسقطت عنه من ورق التوت ثورات ما سمي بالربيع العربي زوراً وبهتاناً، وشهدنا التبشير من بعض رموزهم بقدوم الخلافة الإسلامية والتمجيد للدولة العثمانية وترميزهم السياسي المكشوف لها، وتزامن ذلك مع الحملات الدعائية الكبيرة المدعومة من بعض الأنظمة المعادية للمملكة، وتتخفى خلف ستار الترويج الفني والإعلامي والسياحي لغاية في نفس (يعقوب) العثماني! لطالما تناولت هذا الموضوع وعلى مدى سنوات من عمر هذه الزاوية محذرة من خطورة هذا الفكر المتطرف وما يخطط له من مشروع سياسي على المدى البعيد بصورة عامة؛ وتغلغله في العديد من المؤسسات وأهمها مؤسسات التعليم بصورة خاصة، إلى أن عرَّت أحداث الثورات العربية حقيقتهم، فجاء الأمر الملكي فيما بعد بمعاقبة وتجريم تلك الجماعات الإرهابية ومنها جماعة الإخوان والمنتمين لها أو المروجين لفكرها والمتعاطفين معها. وبعد مرور هذه السنوات جاء الزمن الذي شهدنا فيه إعلان القضاء على التطرف ومشروع الصحوة وتابعنا مؤخراً وتابع العالم تصريحات سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لبرنامج 60 دقيقة على شبكة CBS الأميركية حينما قال: لا يوجد بلد في العالم يقبل أن يُغزى نظامه التعليمي من قبل منظمة متشددة سيتم القضاء على عناصر جماعة الإخوان المسلمين تماماً في فترة قصيرة. إن ما قامت به وزارة التعليم أخيراً من خطوة تطهيرية لما تلوثت به مناهج التاريخ من سرد تاريخي مضلّل وتوضيحها للحقائق بذكر جرائم الدولة العثمانية الغازية ومواقفها المعادية للدولة السعودية وأهاليها وتسمية الأشياء بمسمياتها بوصفها بالدولة العثمانية الغازية هو بمثابة تأسيس مرحلة جديدة من الوعي لأجيال هذه المرحلة تواكب طموح مملكة 2030 في أجيال وسواعد هذا الوطن وعماده، إذاً هي خطوة مبشرة بكل تأكيد ونتطلع إليها من وزارتنا «التعليم» التي نعوِّل عليها الكثير والمزيد من الخطوات التي ستختصر علينا طريق الألف ميل.