خدمة الحرمين الشريفين تعد نعمة من الله تبارك وتعالى وتفضل منه سبحانه على هذه الدولة المباركة بأن شرفها بخدمة الحجيج التي تعتبر بحمد الله أحد مآثر المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها، والحج أحد أركان الإسلام التي يجب أداؤها على كل مسلم مستطيع لقوله تعالى (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا)، وفضل الحج عظيم لما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه) وفي رواية (الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)، ويجب الحج على المسلم مرة واحدة في العمر وتسقط فريضة الحج عن المكلف إذا فقد الاستطاعة المالية والبدنية، وكذلك يسقط الحج عن المرأة غير القادرة بنفسها على نفقة الحج، لأن الزوج لا يلزم شرعا بنفقة حج زوجته إلا بالمعروف، ويسقط الحج أيضا عن المرأة التي لا محرم لها لأن المحرم بالنسبة لها من السبيل واستطاعة السبيل شرط في وجوب الحج. وكما أسلفنا فإن فريضة الحج تسقط عن الإنسان إذا أداها مرة واحدة وكذلك عن غير المستطيع سواء كان عاجزا في إيجاد نفقة الحج من مواصلات ومؤنة السفر وغيرها أو كان مريضا أو غير قادر على أداء فريضة الحج أو كانت المرأة غير مستطيعة بدنيا أو ماليا أو لعدم وجود المحرم فإن الحج يسقط عنهم في هذه الحالة ولا شيء عليهم، والمسلم الذي سلم الناس من لسانه ويده وتيسر له أداء فريضة الحج طاعة لله وامتثالا لأمره وطلبا لرحمته ومغفرته والفوز في الدنيا والآخرة يعلم حقيقة أن الحج من أعظم العبادات وأجل الطاعات حيث هنالك تنثر العبرات وتجاب الدعوات وتستر العورات وتقال العثرات وتدفع النكبات وتفرج الكربات، وليس الحج مزاحمة ومضايقة المسلمين والمسلمات. وأعتقد أن نجاح الحج بعد توفيق الله سبحانه لهذه الدولة المباركة في توسعة الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة والتي لم يشهد لها التاريخ مثيل جاء أيضا نتيجة الدقة والحزم في تنظيم وتكامل جهود الجهات الحكومية المعنية بشؤون الحج ابتدءا من تنظيم حملات الحج وضمان حقوق الحاج وسهولة إجراءات التسجيل والترخيص والتأكد من جودة خدمات النقل والإيواء والإعاشة، ووضع جدول زمنى لتفويج الحجاج والتنقل بين المشاعر وتطوير وتيسير وسائل المواصلات، وانتهاء بإزالة المعوقات المختلفة ومن أهمها منع دخول الحجاج غير المرخصين والمتسللين الذين كانوا السبب الرئيس في الازدحام والتدافع والافتراش في الطرقات والتضييق على الحجاج في أداء مناسكهم في الأعوام الماضية. ونخلص إلى أن هذه الجهود العظيمة التي تبذلها حكومة المملكة العربية السعودية لراحة ضيوف الرحمن من توسعة الحرمين والمشاعر المقدسة وما يقوم به رجال الأمن الأبطال المخلصون وكافة المشاركين من أعمال جليلة وتضحيات كبيرة لمساعدة الحجيج في أصعب الأوقات والظروف، والجهود المقدرة لكافة الأجهزة الحكومية المعنية بتأمين كافة متطلبات الحجاج وغيرها من الخدمات والمرافق المتعاظمة والتي تحدث عن ذاتها وبشهادة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، أكدت على نجاح تنظيم الحج بكل المقاييس وتبقى مسؤولية وسائل الإعلام لإبراز هذه الجهود والأعمال العظيمة التي لا يعلمها إلا الله وحده سبحانه ولا يقدر على مكافأة القائمين عليها إلا الله عز وجل، فجزى الله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- وولي عهده الأمين وكافة العاملين في خدمة الحجيج عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء في الدنيا والآخرة.