تهفو قلوب الملايين من المسلمين لأداء فريضة الحج كل عام وهذه نعمة من الحق تبارك وتعالى أن يسر لعباده سبل الوصول إلى البلد الحرام لتأدية مناسك الحج، وتفضل منه سبحانه على هذه البلاد بأن شرفها بخدمة الحجيج التي تعتبر بحمد الله أحد مآثر هذه الدولة المباركة منذ تأسيسها، ويعتبر الحج أحد أركان الإسلام التي يجب أدائها على كل مسلم مستطيع لقوله تعالى: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا). وفضل الحج عظيم لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم بقوله( من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه) وفي رواية ( الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)، ويجب الحج على المسلم مرة واحدة في العمر وتسقط فريضة الحج عن المكلف إذا فقد الاستطاعة المالية والبدنية، وكذلك يسقط الحج عن المرأة غير القادرة بنفسها على نفقة الحج، لان الزوج لا يلزم شرعا بنفقة حج زوجته إلا بالمعروف، ويسقط الحج أيضا عن المرأة التي لا محرم لها لأن المحرم بالنسبة لها من السبيل واستطاعة السبيل شرط في وجوب الحج. وكما أسلفنا فإن فريضة الحج تسقط عن الإنسان إذا أداها مرة واحدة وكذلك عن غير المستطيع سواء كان عاجزا في إيجاد نفقة الحج من مواصلات ومئونة السفر وغيرها أو كان مريضا أو غير قادر على أداء فريضة الحج أو كانت المرأة غير مستطيعة بدنيا أو ماليا أو لعدم وجود المحرم فإن الحج يسقط عنهم في هذه الحالة ولا شيء عليهم. والمسلم الذي سلم الناس من لسانه ويده وتيسر له أداء فريضة الحج طاعة لله وامتثالا لأمره وطلبا لرحمته ومغفرته والفوز في الدنيا والآخرة يعلم حقيقة أن الحج من أعظم العبادات وأجل الطاعات حيث هنالك تنثر العبرات وتجاب الدعوات وتستر العورات وتقال العثرات وتدفع النكبات وتفرج الكربات، وليس الحج مزاحمة ومضايقة المسلمين والمسلمات. وأعتقد أن أهم أسباب الزحام في الحج ورمي الجمرات على وجه الخصوص تعود إلى قلة الوعي الديني بفقه الحج لدى الكثير من المسلمين، وكذلك ضعف التنظيم في تفويج الحجاج من منى إلى الجمرات حيث يتطلب الأمر وضع جدول زمنى يسمح لوصول الحجاج للجمرات على دفعات عبر الطرق المؤدية للجمرات وليس دفعة واحدة، ومن أسباب الازدحام تزايد أعداد المتخلفين من العمرة والمتسللين الذين يفترشون الطرقات ويضيقون على الحجاج بأمتعتهم مما يؤدي إلى وقوع بعض الحجاج نتيجة تعثرهم بهذه الأمتعة التي يجب منع اصطحابها للجمرات، وكذلك قيام بعض شركات الحج في الداخل والخارج بإجبار الحجاج على التعجل مما يؤدي للازدحام. ونخلص إلى أنه بالرغم من الجهود التي تبذلها حكومة خادم الحرمين الشريفين لراحة ضيوف الرحمن من توسعة الحرمين وما أجرى من تحسينات في مخيمات منى للوقاية من الحريق وما يبذله رجال الأمن في مساعدة الحجيج والجهود المقدرة لوزارة الصحة في تأمين العناية الطبية والمحافظة على سلامة الحجيج وما تبذله الأجهزة الحكومية الأخرى لتأمين كافة متطلبات الحجاج وغيرها من الخدمات والمرافق المتعاظمة والتي تحدث عن ذاتها وبشهادة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، تبقى مسؤولية وسائل الإعلام نحو تثقيف المسلمين بأحكام الحج وزيادة الوعي بمصلحة الأمة وبيان فضل التخفيف عن المسلمين لمن أدى فريضة الحج. وأعتقد أن زيادة الطاقة الاستيعابية لموقع الجمرات مع مزيد من التنظيم الزمني في تفويج الحجاج من منى وكذلك التنسيق بين وزارة الحج والمديرية العامة للجوازات لمعالجة أوضاع المتخلفين من العمرة والمتسللين، ومحاسبة شركات الحج المخالفة سيؤدي الى معالجة الازدحام في الحج الى حد كبير، وختاما أؤكد على براءة الشريعة من فرية التضييق على المسلمين في وقت الرمي فالوقت متسع ولله الحمد قال تعالى {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} وقوله سبحانه {ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج} ولكن المشكلة هي نحن وأخطاؤنا لا يمكن أن نحملها للشريعة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول(خذوا عني مناسككم). [email protected]