ازدهرت صناعة التهرب والتجنب الضريبي مع ظهور العديد من الشركات الكبرى التي تستغل الثغرات القانونية في أي بلد، لتحويل الأرباح وتجنب الضرائب في واحد أو أكثر من البلدان، حيث تقوم الشركات المحاسبية والمحترفون والمحامون والماليون بممارسات التهرب الضريبي في هذه الصناعة بوضع برامج مبتكرة غيرت من خطط التهرب الضريبي التقليدية، كما أن انتشار الفساد في المجتمعات يشجع على المزيد من التهرب الضريبي عن طريق الرشى المدفوعة نقداً ومباشرة، لتجاوز السلطات الضريبية في ظل غياب الشفافية وافتقارها إلى آليات كافية لتحصيل الضرائب، مما زاد من التحديات والصعوبات التي تواجهها السلطات الضريبة في عمليات التنظيم والرصد. فما زالت الشركات في هذه الصناعة تقوم بمساعدة الشركات والأفراد الأثرياء بدفع ضرائب قليلة قدر الإمكان من خلال خطط تجنب دفع الضرائب وذلك مقابل رسوم أو نسب من إجمالي قيمة هذا التهرب الضريبي. وتتكون صناعة تجنب الضرائب من جميع الوسطاء الذين يوفرون للشركات التجارية أدوات تجنب دفع الضرائب بالكامل، حيث تقوم شركات المحاسبة الرئيسة «الأربعة الكبار» بوضع خطط ضرائب للشركات وبيع مخططات وأنظمة الشركات المتعددة الجنسيات لتجنب دفع الضرائب، إلا أنه ما زال صناع السياسات المالية يعدون هؤلاء «الأربعة الكبار» مستشارين مهمين ومحايدين عندما يتعلق الأمر بمنع التهرب الضريبي، ومع ذلك ينبغي الانتباه لتضارب المصالح بين السماح لهؤلاء الوسطاء بإسداء المشورة والتصدي للتهرب الضريبي، لكي يتم حماية السياسات العامة وتحصيل الضرائب من أصحاب المصالح، حسب ما نشر من قبل مرصد الشركات الأوربية 2018م. إذا التهرب الضريبي يؤدي إلى تقليل الإيرادات الضريبية المتاحة للحكومات لإدارة اقتصاداتها ويمكن أن يضعف قدرة هذه الحكومات على تعزيز الاستقرار المالي الذي يؤثر على المؤشرات العامة الحقيقية من نمو الناتج المحلي الإجمالي، الإيرادات الضريبية للحكومة، مستوى التضخم. فالحكومات الحديثة تعتمد على الإيرادات المتأتية من الضرائب لتمويل النفقات الرأسمالية وتمويل ميزانيتها سنوياً، ولهذه الأسباب تستخدم الحكومات مكاتب أو وكالات تحصيل الضرائب لجمع الضرائب بالنيابة عنها من الشركات والأفراد التي يتم تحديد مصادر دخلهم. فإن تركيز الهيئة العامة للزكاة والدخل على مؤشرات عدم الامتثال بتقدير الفجوة الضريبية بين ما يتم تحصيله فعلياً والمفروض تحصيله سيحدد حجم التهرب الزكوي والضريبي والإجراءات المناسبة. كما ينبغي على الهيئة مقارنة التباين بين البيانات المتوفرة مع الاستبيانات العشوائية التي يتم تنفيذها دورياً لتحديد نسبة عدم الامتثال لأنظمة الزكاة والضرائب، ومن الضروري التنسيق مع الجهات الأخرى لمعالجة ظاهرة الاقتصاد الخفي ومنها ظاهرة التستر.