المنصف والمحايد مهما كانت ميوله السياسية، ومهما كان شقاقه وخلافه مع المملكة، لا يملك إلا قول شهادة الحق والاعتراف صراحةً لا تلميحاً بدورها المبهر وتلك الإمكانات الهائلة، وتلك النزعة الجيّاشة التي لا يدفعها تصنع أو تملق لتحقيق مآرب سياسية، لأنها دوافع تتحرك بتلقائية يُحال وجود شك بتصنعها أو أن هؤلاء العاملين يتحركون وفق أهواء ورغبات سياسية. لأن القيادة منذ الأزل جعلت خدمة الحجاج قيمة دينية وكرّست لدى أبناء شعبها هذا العمل النبيل.. وتلك الأرقام تشهد، وأولئك العاملون تتحدث لغة أجسادهم عن نوايا عميقة يدفعها الحب والتضحية والتفاني. كل شىء أضحى في المملكة ينبض وقت موسم الحج عن خدمة الحجاج ورعايتهم، وكل الجهات تعلن حالة النفير لتلبية وتقديم خدماتها لخدمة حجاج بيت الله وقاصدي مشاعره. مشاهد لو حدث أحدها في بلد ما لتشدق أدعياء الإنسانية بعبارات ملؤها المديح الذي لا ينتهي، فكيف وبمشاهد كثيرة تحدث في المملكة هي أعظم مشاهد الإنسانية وفاءً وحبًا وتضحية. وهل بقي لذي لبٍ إلا أن يقف مشدوهًا ومتأملًا لتلك الخدمات النبيلة، ولتلك الدوافع الإنسانية الزاخرة بمعانٍ قيّمة صنعها توجه القيادة ودوافع العاملين في الميدان. وكم هو مخزٍ أن تقف قنوات العار التي نقلت كل صغيرة وكبيرة تمس السعودية وقيادتها وشعبها إلا وتحدثت عن دقائق وصغائر أحداثها، ثم تصمت صمت القبور على ما تقوم به المملكة وهي حالة لا يمكن لإعلام مهما كان خلافه إلا وأن ينقل صورها ومشاهدها وحثياتيها. والأكثر سقوطًا مازال بعض الأُجراء يشككون في دوافع سياسية جعلت المملكة تعمل كل هذا العمل. والدوافع السياسية لا تصنع كل هذه التفاصيل برمتها، وبرقتها، وعاطفتها الجيّاشة. إنها ليست دوافع محمومة بالسياسة رغم أحقيتها المشروعة ليرى العالم دور المملكة الريادي في خضم حملات التشكيك والاستنقاص، ولكنها دوافع خرجت من صميم القلب لتحمل للعالم رسالة صدق في التعامل مع البشر رغم كل الاختلافات ورغم كل السياسات الملتهبة أن المملكة بلد سلام لا يعرف أهلها تسييس الدين والارتزاق من خلفه.