أخذت الأزمة السورية بالتصاعد منذ عام 2011، مما أدى إلى نزوح الملايين من المدنيين، ومن 2011 إلى 2019 اضطرت تركيا لاستقبال 3.6 مليون لاجئ سوري متوزعين على الأراضي التركية.، لكن حياة اللاجئين السوريين هناك أصبحت صعبة، مع تزايد العنصرية ضدهم واستغلالهم في الكثير من القضايا، فكان ك"المستجير بالرمضاء من النار"، فبعد هروبهم من نار الحرب بسوريا، وقعوا في جحيم العنصرية والاضطهاد بتركيا. وكانت تركيا ترى أن اللاجئين من الممكن أن يكونوا ورقة رابحة لأهدافها، فحاولت استغلال أزمتهم بأكثر قدر ممكن٫ فابتزت دول الاتحاد الأوروبي وطلبت دعماً مالياً مقابل استقبال اللاجئين، لتمنع هجرتهم إلى دول الاتحاد، في محاولة التقرب للحضن الأوروبي. وتعهد الاتحاد الأوروبي بدفع تجاوزت ال 6 مليارات يورو لتركيا لصندوق دعم اللاجئين في تركيا. لكن تركيا وبعد أن فشلت في التقيد بما تعهدت به، لم تحصل على كامل المبلغ، حيث انكشف للاتحاد الأوروبي سوء التعامل التركي مع اللاجئين وعدم تقديم خدمات كافية الأمر الذي أوقع كثيرين منهم في فخ المتاجرين بالبشر، فيما ذهب آخرون ضحايا لقوارب الموت. وأثبتت الحكومة التركية أنها تحاول الاستفادة من اللاجئين بقدر الإمكان، خصوصاً عوائد أموال الاتحاد الأوروبي في ضل الازمة الاقتصادية التي تعصف باقتصاد تركيا، ومؤخرا شنت الحكومة التركية حملات لترحيل اللاجئين إلى سوريا، رغم خضوعهم لقانون الحماية المؤقتة، لأسباب تزعم الحكومة التركية أنها ترجع إلى "خرق قوانين البلد الذي يعيشون فيه". وذكر رئيس "تجمع المحاميين السوريين الأحرار" المحامي غزوان قرنفل أهم الأسباب التي تدعو السلطات التركية لترحيل السوريين من أراضيها أبرزها "العمل دون الحصول على اذن، أو تصريح عمل، وارتكاب جرائم على الأراضي التركية". ونوّه قرنفل إلى حالات ترحيل لم يمنح فيها المُرحل الوقت أو الحق للطعن بالقرار، وحالات يتم فيها إجبار اللاجئ على توقيع على طلب مغادرة طوعي دون أن يعرف مضمون ما يوقع عليه وهو أمر مخالف للقانون. وفي ضل وجود 3.6 مليون لاجئ سوري في تركيا، وحصول 84 ألف لاجئ فقط على تصريح للعمل، فهذا يعني أن ما يقارب 98% من اللاجئين لا يملكون تصاريح للعمل، ويواجهون خطر الترحيل في أي وقت. وبدأ عدد السوريين في التضاؤل في ظل السياسات التركية القاسية وعدم إعطائهم تصاريح للعمل، وترحيل المهاجرين واللاجئين. وتقف أسباب عديدة وراء زيادة التدقيق الأمني على السوريين منها الضغط الشعبي المتزايد، وخسارة حزب العدالة والتنمية الحاكم أصوات الشعب في انتخابات أهم المدن التركية، واستمرار ربط المشاكل الاقتصادية التي تمر بها تركيا باستضافة اللاجئين السوريين. وفي يوليو الماضي وفي اجتماع عقده الرئيس التركي أردوغان مع نواب حزبه، ولكسب تعاطف الشعب التركي، صرح عن عزمه لإيقاف الخدمات الطبية المجانية للاجئين السوريين، وقال أردوغان إنهم سيتخذون عدة خطوات من شأنها أن تجعل اللاجئين يرجعون الى بلادهم تطوعا منهم. ومن المؤكد أن اللاجئ السوري أصبح غير مرغوب به في تركيا، ففي دراسة أجرتها جامعة "قادر هاس" في إسطنبول أن 67.7% من المشاركين في استطلاع الرأي "غير راضين عن تواجد اللاجئين السوريين" في تركيا. وأصبحت تلك الآراء مواقف، ففي يونيو الماضي، هاجمت مجموعة من الأتراك الغاضبين واجهات المحلات السورية بسبب وجود اشتباك بين سوريين وأتراك بعد قيام الثاني بالتحرش بفتاة سورية. وانتشرت في موقع تويتر "هاشتاغات" ضد المهاجرين السوريين مثل "ليخرج السوريون من البلاد حالًا" وأيضًا هاشتاغ "لا أريد السوريين في بلدي" تزامنًا مع إيقاف حكومة أردوغان المزيد من التسجيلات للاجئين السوريين في إسطنبول. وعند مدخل شاطئ في تركيا عُلقت لافته ضد السوريين كُتب عليها بالغلة العربية والتركية "أولئك الذين لا يقاتلون من أجل وطنهم لا يمكنهم دخول الشاطئ"، لتتضاعف معاناة السوريين بعد أن ظنوا أن تركيا ملاذاً آمناً من المهانة والذل والموت على يد بشار وجنوده.