تعددت نظريات التعلم والمقصد واحد، كلها تهدف إلى تفسير كيفية حدوث التعلم معتمدة في ذلك على جملة من الافتراضات، وتقدم قائمة بالشروط والضوابط والطرائق والممارسات التي تدعم التعلم؛ ابتداء بالنظرية السلوكية ومروراً بنظريات عدة منها المعرفية والبنائية. في التسعينيات من القرن الماضي، سطع نجم نظرية جديدة، وهي نظرية التعلم المستند إلى الدماغ، تلك النظرية التي تتضمّن معرفة قواعد الدماغ للتعلّم ذي المعنى، وتنظيم التعليم بتلك القواعد. التعليم وفق هذه النظرية يتم فيه تنظيم المواقف التعليمية والتعلمية وفق طبيعة الدماغ ووظيفته؛ لأن الدماغ هو القائد والمتحكّم في جميع أنشطة الجسم، وهو عضوٌ مرن وينمو من خلال الخبرة التي تُقدم له، ويحتوي على (100 بليون خلية عصبية) والتعلُّم يتم من خلال تشابك ملايين من هذه الخلايا العصبية، والدماغ ينمو في ظروف وشروط معيّنة يجب توافرها، حتى يصل إلى أفضل نموّ، ومن ثم يحدث التعلم في أفضل صوره، ومنها: غياب التهديد، وتوافر المحتوى ذو المعنى، والحركة، والبيئة الغنية، وإعطاء البدائل والخيارات، وتوفير الوقت الكافي، والتغذية الراجعة الفورية. ونجد الدماغ يتعلم وفق اثني عشر مبدأ، منها على سبيل المثال؛ أن الدماغ اجتماعي، وبحثه عن المعنى فطري، ويدرك الأجزاء والكلَّ بشكلٍ متزامن. ولذلك التعليم في ضوء هذه النظرية يمر بعدد من المراحل (الإعداد، والإكساب، والشرح، وتقوية الذاكرة، والتكامل الوظيفي)، ما يجعله ممتعاً ومحققا ًلغاياته. تسعى وزارة التعليم في رؤيتها التعليمية (2030) إلى إعداد المعلمين وتأهيلهم وتطويرهم، بما يضمن تحسين المخرجات التعليمية، ولذلك معرفة المعلم بالمبادئ والمراحل وشروط التعلم المستند إلى الدماغ سيصنع فارقاً كبيراً في مستوى أدائه ومستوى طلابه. ومن الملائم أن يتعرف المعلم على هذا النوع من التعلم، ويتدرب عليه وعلى مهارات التدريس في ضوء نظرية التعلم المستند إلى الدماغ، ليصنع التعليم الذي لطالما بحثنا عنه، وكان غيابه سبب الفجوة التي بين المعلم ومادته، وبين الطالب والنتائج التي نرغبها، ولم يصل إليها بعد، وبإذن الله تكون لنا سلسلة من المقالات حول هذا التعلم الجديد. * باحثة في التعلم المستند إلى الدماغ