في مدنية هيراكليون التي تعد عاصمة إقليم كريت اليوناني، ولد الروائي نيكوس كازانتزاكيس، حيث قال عن مسقط رأسه "إن سر كريت عميق جدًا. وكل من يطأ هذه الجزيرة يحس بقوة سرية تتشعب بحرارة وإحسان في أعصابه، أو يحس أن روحه تبدأ في النمو". انطلقت من هنالك حياة الكاتب اليوناني ليؤرخها فيما بعد بالتفصيل في كتابه "تقرير إلى جريكو"، قبل ذلك كتب كازانتزكيس إحدى روائعه الأدبية الخالدة، "زوربا اليوناني " التي كانت بمنزلة قنبلة أدبية انفجرت في أوساط الثقافة منذ ذلك الحين وإلى الآن، كما ترجمت إلى عدة لغات ووزعت بملايين النسخ. تذكر المصادر أن الكاتب اليوناني التقى شخصية تدعى "زوربا"، وأعجب به حتى استمد إلهامه منه، واستطاع أن يخرج بالرواية الشهيرة التي تدور أحداثها حول القارئ والمثقف باسيل عندما يكون من الصدف أن يلتقي بالرجل العجوز زوربا، الذي يعد أميّاً لم يسبق له التعلم، ولكن يملك مفاهيم كثيرة من خلال تجاربه في حقل الحياة، ليشكل مع باسيل تناقضا لا يمنع من تكوين صداقة بينهما. يتميز زوربا بروح الشباب العالية، حيث يرى الحياة رائعة بجميع أشكالها، ورغم عمره الكبير، إلا أنه يملك مفاهيم خاصة ومختلفة نحو الوجود والموت ذات نفحة فلسفية مغايرة. في حين أن كازانتزكيس علّق على شخصية زوربا وقال: "هو الذي علمني أن أحب الحياة وألا أخاف الموت". في عام 1964 انتقلت الرواية اليونانية إلى شاشات السينما، وحقق الفيلم نجاحا باهرا؛ حيث ترشح لجوائز عالمية رغم عرضه باللونين الأبيض والأسود، واستطاع الممثل أنتوني كوين ذو الأصول الأميركية-المكسيكية أن يجسد شخصية زوربا بسلاسة وإتقان لاقت رضا المشاهدين، فيما شارك الفنان ألان باتس في تمثيل شخصية باسل. الجدير بالذكر أن رقصة زوربا أدهشت القراء والمتابعين من خلال الرواية والفيلم، حين يرقص زوربا رقصته الشهيرة على أنغام الحياة والموسيقى دون أن يبالي بالحزن والمشكلات. يقف الأشخاص بجانب بعضهم بعضا على مسافة تحدد بمد ذراع كل راقص، وتبدأ الرقصة بانسجام رائع وحركات مذهلة، رسخت الرقصة في أعماق التراث اليوناني؛ حيث أصبحت فلكلوراً شهيراً بجانب الموسيقى التي ألفها الموسيقي في الفيلم ميكيس ثيودوراكيس المصاحبة للرقصة التي تجاوزت حدود اليونان ومارسها كثيرون من حول العالم، ووجدت في بعض الأفلام والمسلسلات الشهيرة.