مسألة توطين الوظائف أو سعودتها مسألة لا تهدأ، ولا يخبو الطرح عنها.. فهو موضوع يمثل أولوية ترتبط بمصير المواطن وحياته العملية خاصة.. لذا فالمملكة اليوم جعلت رؤيتها الطموحة 2030 تستوعب حيثيات وتفاصيل ومتطلبات هذه المسألة. وعملت الجهات المعنية في إعداد أطر، وبرامج، وأفكار للتعامل مع قضية التوطين، وصناعة الفرص العملية للمواطن.. ومازالت التحديات المختلفة والصعوبات العديدة تواجه هذه الأمر.. ومازال إصرار قيادة هذا الوطن أكبر لتجاوز كل العقبات، وتخطي كل العوائق. وفي نظري أن من أهم الإشكالات الجدلية التي تلج في هذه المسألة هي غايات، وأهداف، وطموحات، ورغبات رجال الأعمال، وأصحاب القطاع الخاص الذين يشكلون أحد التحديات.. كما يظهر أمر مهم وهو موقف الوافد من مسألة التوطين ومناحرة هذا الأمر ومنافسته بشدة بأطروحات غريبة، وعصبية وربط توطين المواطن في وظائف الوافدين بمسائل سياسية، واجتماعية، وعنصرية لا دخل لها في الواقع. تخيل.. لديك سائق ويكبر ابنك تريد أن تنهي خدمات السائق ويحل ابنك مكانه.. فتجد موقف السائق سلبياً ينعتك بأمور غير مقبولة لأنك أنهيت خدمته على حساب ابنك.. مع أنه من المعلوم أن مكوث الوافد أمر مؤقت فحين تنتهي مصالحه يتركك حتى لو كنت محتاجاً له ولا يبالي بحالك ولا غضبك ولا حاجتك. في أوروبا الأولوية للمواطن فحين يُعلن عن وظيفة يُقدم المواطن أولاً على الوافد.. كما أن أي مقيم عامل في أي دولة أوروبية بمجرد أن ينتهي عمله أو دراسته يطلب منه الرحيل.. وهل نتخيل أن مواطناً سعودياً يعمل في دولة ما سيقدم على ابن البلد؟ اسطوانة أن السعودي لا يعمل أو غير مؤهل أو كسول اسطوانة سخيفة.. وهل العمالة الوافدة أتت متدربة وجاهزة، وكم منهم كان السوق السعودي مرتعاً لتدريبهم وتعلمهم كثيراً من المهن.. وكم صبر أصحاب العمل على منحهم فرصاً لا يصبرون مثلها على المواطن.. وإذا استمرت مثل هذه الاسطوانة إن كانت صحيحة متى نثق بالمواطن ومتى سندربه ونهيئه للعمل ونحن نكسر مجاديفه في القطاع الخاص ونشوّه سمعته وسلوكه لكي نصرفه عن فرص التوظيف. يفترض أن يمنح المواطن الفرصة في التوظيف ولا يقدم عليه الوافد بأي حال من الأحوال إلا في عدم وجود تخصص ما، أو استقطاب الخبرات النادرة والمضيئة.. ويتوجب أن تقدم الجهات المسؤولة على توطين الوظائف بقوة وشدة فنحن نبني لأجيال قادمة وإن خسرنا شيئاً الآن فسنكسب مستقبلنا.. فلدينا من مخرجات الابتعاث والجامعات ما يغنينا في كافة الأعمال. ويبقى القول: المملكة بلاد الخير للجميع.. لكن نحن في زمن السعودية أولاً.. والمواطن أولاً وعلى الوافد الكريم أن يتفهم هذا الواقع ويتجلى موقفه الإيجابي وفهمه الواعي فكل من عمِل هنا لم يعمل مجاناً أو منة بل أخذ أضعاف حقه، وبنى نفسه ومصالحه من خيرات بلادنا فلا أحد يساومنا أو يتعنصر علينا.