رغم الجهود الملحوظة والمشكورة التي تبذلها الدولة في سبيل إنتاج وتحلية ونقل المياه وإيصالها للمستفيدين، إلا أن الجهات المسؤولة عن المياه لم تصمم نظاما محكما وفعالا للتخزين والإمداد، وإنما اكتفت بضخ المياه الصالحة وتصريف المياه الملوثة كالأنهار، حيث يتم تخزين المياه الصالحة في خزانات مسربة، ويتم تصريف المياه الملوثة في بيارات ملوثة، وجميع تلك المياه تذهب هدراً في فاقد تبلغ نسبته 100 %!! إن عدم تصميم نظام متكامل محكم لتوزيع المياه الصالحة بإنشاء خزانات ضخمة ومضخات قوية وشبكات محكمة، وعدم معالجة المياه المستخدمة بإنشاء شبكات متكاملة للصرف الصحي ومحطات تنقية ثلاثية وشبكة لتوزيع المياه المعالجة لإعادة استخدامها في بعض المجالات التي لا تؤثر على الصحة العامة؛ تسبب في هدر جميع المياه التي تستخرج من مكامن غير متجددة وتحلى بتكاليف باهضة، وأدى إلى لجوء المستفيدين في عموم المملكة لاعتماد نظام ربما يكون فريدا من نوعه على مستوى العالم وهو تجميع المياه في خزانات سفلية ثم تركيب مضخات لرفعها إلى خزانات علوية لتنزل المياه من تلك الخزانات بفعل ضغط الارتفاع إلى عموم المنزل، وهذه بنية تحتية مائية خاصة كاملة يقوم بإنشائها المواطن ويتحمل تكاليفها نتيجة قصور البنية المائية العامة، كما يتم اللجوء إلى حفر بيارات لتصريف المياه المستخدمة لتتجمع كمياه سطحية تدمر أساسات المنازل ثم تتغلغل إلى باطن الأرض لتلوث التربة والمياه الجوفية؛ ونتيجة ذلك النظام العجيب يوجد أسفل مدينة الرياض مئات الألوف من خزانات المياه ومئات الألوف من بيارات المجاري تشكل بحرا متداخلا من المياه النقية والمياه الملوثة تختلط ببعضها أحيانا مسببة أمراضاً خطيرة ومزمنة. بالنسبة لدورة تخزين وضخ المياه الصالحة فإن ذلك النظام الذي ينشئة المواطن بنفسه ويتحمل تكاليفه؛ يعتبر نظاما غير عملي، ويؤدي إلى تبديد الأموال في منشآت غير لازمة كالخزانات الأرضية والعلوية التي يصرف كل مواطن حوالي 50 ألف ريال في المتوسط لإنشائها وصيانتها، مع استهلاك ملايين الأطنان من الحديد والإسمنت ومواد العزل، وفي النهاية لا تؤدي تلك الإنشاءات إلا إلى استنزاف المياه نتيجة التسربات الحتمية في حالة تخزينها في خزانات سفلية وعلوية ونتيجة التبخر في درجات حرارة تقارب درجة الغليان. ولتلك الاعتبارات فإن من المفترض أن يتم في كل حي سكني إنشاء خزانات مياه ضخمة لضمان عدم انقطاع المياه ومحطات ضخ عامة لتوفير الضغط اللازم لتوزيعها وإيصالها لجميع المباني والمنشآت. نتيجة شح المياه ونقص المصادر وارتفاع تكاليف التحلية واستنزاف مكامن المياه الجوفية وتزايد السكان وتوسع المدن وارتفاع درجات الحرارة وارتفاع كميات الفاقد من المياه نتيجة التسربات؛ فإن الحاجة حتمية وحيوية لإنشاء نظام محكم لإنتاج وتخزين وتوزيع المياه الصالحة وتنقية وإعادة استخدام المياه الملوثة، بتنفيذ عدد من المقترحات كما يلي: -1 إنشاء شبكة مياه محكمة وعالية الجودة لتقليل نسبة الفاقد من مياه الشبكات العامة إلى أدنى حد ممكن. -2 إنشاء خزانات ومحطات ضخ في كل حي لتخزين المياه وضمان عدم انقطاعها وتوفير الضغط اللازم لإيصالها للمستفيدين. -3 حضر إنشاء الخزانات السفلية والعلوية في جميع المباني للحد من الفاقد من المياه نتيجة التسربات والتبخر، واكتفاء المستفيدين بتركيب مضخات أتوماتيكية لتوفير الضغط اللازم لرفع المياه إلى الأدوار العلوية. -4 تغطية جميع مدن وقرى المملكة بشبكة متكاملة للصرف الصحي وإنشاء محطات تنقية ثلاثية ومنشآت تخزين وشبكات توزيع للاستفادة من تلك المياه في المجالات التي لا تؤثر على الصحة العامة مثل المجالات الصناعية وأعمال البناء والإنشاءات وري أشجار الشوارع. يجب أن نضع نصب أعيننا أن الماء أهون وأرخص موجود وأعز وأثمن مفقود، وأنه إكسير الحياة، وأننا نعيش في منطقة من أشد مناطق العالم حرارة وجفافاً وشحاً بالمياه وأعلاها استهلاكاً واستنزافاً للمياه وأكثرها زيادة في السكان.