تستضيف المملكة العربية السعودية في ديسمبر 2020 قمة دول العشرين المقبلة في العاصمة الرياض. ومن ضمن الأجندات الحيوية التي ستكون حاضرةً على طاولة القمة الاقتصادية كما أكد ذلك ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، موضوع التنمية المستدامة وأبعادها كأحد أهم التحديات التي تواجه العالم اليوم. ويشير مصطلح التنمية المستدامة Sustainable Development وفقاً لبرنامج الأممالمتحدة إلى «التنمية التي تلبي احتياجات الحاضر من دون النيل من قدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها». ومن هنا نستنتج أن التنمية المستدامة تمثل تصوراً تنموياً شاملاً يوازن بين الحاضر والمستقبل، ويعتمد على توظيف مختلف المجالات المجتمعية، والاقتصادية والبيئية في استثمار مصادر الثروات والموارد المتاحة وتجديدها لضمان بيئة صالحة مستقرة لحياة أجيال اليوم والمستقبل. وقد اعتمدت الدول الأعضاء في الأممالمتحدة رسمياً خطة التنمية المستدامة لعام 2030، وتشتمل هذه الخطة على 17 هدفاً تتضمن مجالات حول التعليم الجيد، والصحة الجيدة، والعمل المناخي، ونمو الاقتصاد والصناعة والابتكار والبنية التحتية. وقد جاءت رؤية المملكة 2030 لتتماشى مع هذه الأهداف الأساسية للتنمية المستدامة، حيث قامت على ثلاث ركائز أساسية: مجتمع حيوي، واقتصاد مزدهر، ووطن طموح، وتندرج تحتها أهداف أساسية وفرعية وتفصيلية تلتقي في نقاط مشتركة مع أهداف خطة التنمية المستدامة. ولا بد هنا من أن نشير إلى تركيز خطة التنمية المستدامة على عنصر التنفيذ على المستوى الوطني، وأهمية أن تمارس الدول الأعضاء دورها الحقيقي بتكييف هذه الخطة بما يتناسب مع واقعها ومتطلباتها الوطنية. ومن جهة أخرى، المبادرة بتوعية المواطن المحور الأساس للتنمية بخطة التنمية المستدامة وأبعادها وأهدافها، وذلك من خلال توظيف دور المواطن وعقد الشراكات مع مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص، للعمل في إطار متكامل مع الجهات الحكومية لتفعيل مختلف المجالات المجتمعية، الاقتصادية والبيئية للوفاء بحاجات الحاضر والمستقبل. ومن الملاحظ أن خطة التنمية المستدامة لم تغفل محور المساءلة والحوكمة التي نصت عليها رؤية المملكة 2030 أيضاً، فتضمنت خطة التنمية المستدامة ثلاثة مستويات للمتابعة ورصد التقدم والإنجاز المطلوب نحو التنفيذ من خلال اعتماد المؤشرات الدقيقة لقياس وتقييم الأداء على المستوى العالمي والإقليمي والوطني. ومن المفيد لكل منا متابعة موقع اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، الذي يشتمل على متابعة وتقييم مستمرين لمستويات التنفيذ للدول المشاركة التي من ضمنها بلادنا. وفي ضوء ما سبق، نرى أهمية التوجه لرفع مستوى الوعي الشامل لكافة فئات المجتمع في بلادنا بأهداف التنمية المستدامة وقنوات المشاركة لتحقيقها، وذلك من خلال تضمينها بالمناهج الدراسية والأنشطة اللاصفية في قطاع التعليم، والبرامج الإعلامية، وحتى كتب الأطفال والألعاب الإلكترونية. ويمكن الاستفادة من منشورات الأممالمتحدة التي وظفتها في إيصال رسالتها وأهدافها لكل فئات المجتمعات بمختلف اللغات، كما لا ننسى أهمية توظيف الأبحاث العلمية لتضمين أبعاد التنمية المستدامة بمستوياتها المتنوعة في المشروعات البحثية، وتشجيع الإنتاج العلمي الذي يستهدف التقويم والتطوير للخطط الاستراتيجية للمؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني في مسايرة أبعاد التنمية المستدامة وأهدافها.