يحرص أهل الطموح والتطلعات على مواكبة التميّز ومحاكاة المتميزين والاستفادة من تجاربهم وحياتهم، واستلهام مَواطن النجاح في كفاحهم، والتنقّل بين الحضارات، والبحث في أعماق التاريخ عن أولئك الذي كان لهم في صُحفه الذهبية مكان وفي أحداثه الصامدة رؤية، وفي مواقفه الخالدة إمضاء. وإذا كانت تلك الشخصيات ممن لا يزال يعيش في عالمنا؛ فإن استثمار وجودهم بين أظهرنا لتكتحل عيوننا برؤية إنجازاتهم وتشنّف أسماعنا بسماع تجاربهم - بروايتهم أنفسهم - وتصقل شخصياتنا بالعمل معهم وفي محيطهم - أمر مهم جدا. إن من شكر الله تعالى على نعمه: شكر أهل المواقف والمشاهد على مواقفهم وتألقهم، - فلا يشكر الله من لا يشكر الناس - وتأسيس قاعدة للقدوة الحسنة الحاضرة للجيل المعاصر، ونشر رسالة يهديها وطننا للعالم أجمع بأن أبناءه قد بلغوا شأناً عظيماً من الإبداع والإخلاص والبذل والتفاني، ما يستحق أن يطلع عليه العالم بأسره، ويكون للإنسانية رمز بذل وسلام وحب وإخلاص ووفاء. وما أجمل أن تتبنى هذا العمل وتخرجه في مؤلفات مشهودة إحدى مؤسسات مجتمعنا المبارك كدارة الملك عبدالعزيز أو مكتبة الملك عبدالعزيز العامة أو مركز الملك فيصل للبحوث أو مكتبة الملك فهد الوطنية. إن الشخصيات الرائعة المتميّزة هي التي تبذل زهرة عمرها فيما ينفع في الدين والدنيا دون مللٍ أو كلل، ووطننا – بحمد الله - يزخر بثلّة كريمة منهم ممن قضوا زهرة حياتهم في السعي الحثيث لبناء سيرة مجد وإعلاء راية أمة. ومن أبرز الأمثلة على ذلك تلك الشخصية التي مكثت زهاء نصف قرن بين الإمارة الفذة والإدارة الحكيمة. وبذلتْ في ذلك ما ظهرت آثاره الإيجابية على الإنسان والمكان، ناهيك عن طموحه الصادح بأن هذا الوطن والمواطن مكانه في قمة العالم الأول بسلامة معتقده وصدق انتمائه وحكمة قادته وإبداع عمله وعلوّ همته وسمو طموحه وابتكار مُنجَزه وإثبات كفاءته وتحقيق كفايته وصحة تفكيره واستقامة منهجه. إن من عمل بمثل هذه الإمكانات وبذل هكذا عطاءات استحق تكريم المقام السامي الكريم الذي يعبر عن لسان كل مواطن: شكراً خالد الفيصل بن عبدالعزيز إن أبناءك في هذا الوطن العظيم يترقبون سيرتكم العطرة لتكون حروفاً من نور، تضيء لهم عتمات الطريق، وتبهج نفوسهم بالأمل، وترسم لهم منهج العمل. وليس بدعاً أنها ستكون من أكثر الكتب اقتناءً، ليس على مستوى وطنك المحب؛ بل على مستوى الإنسان في العالم. ذلك ما يترقبه أبناؤك، ويتعطش له مداد الوفاء والإبداع، ويستهوي حروف التألق والتميّز. لا لشيء إلا لأنك خالد الفيصل وكفى.