تحفل صفوف المنتخب الجزائري لكرة القدم بالعديد من اللاعبين المميزين في مراكز عدة، لكن نجماً واحداً يفرض نفسه بقوة على رأس قائمة الموهوبين في الجيل الحالي للكرة الجزائرية. وقبل ثلاثة أعوام فقط، نال اللاعب الموهوب رياض محرز شهرة عالمية طاغية بعدما فجر مع ليستر سيتي الإنجليزي واحدة من أكبر المفاجآت في تاريخ كرة القدم، لكن الحلم الأكبر لمحرز لم يتحقق بعد، إذ يطمح اللاعب إلى قيادة المنتخب الجزائري لاستعادة اللقب الأفريقي بعد غياب طويل استمر لنحو ثلاثة عقود. وكان محرز قد قاد فريقه السابق ليستر سيتي إلى الفوز بلقب الدوري الإنجليزي في موسم 2015 / 2016 ضارباً بكل التوقعات والتكهنات عرض الحائط. وتوج محرز بجائزة أفضل لاعب أفريقي للعام 2016 في استفتاء الاتحاد الأفريقي للعبة (كاف) بعد إنجازه الفريد مع ليستر سيتي علماً أنها ليست الجائزة الوحيدة التي نالها محرز في تلك الفترة حيث توج أيضاً بجائزة أفضل لاعب أفريقي في استفتاء هيئة الإذاعة البريطانية «بي.بي.سي» كما فاز بجائزة «الأسد الذهبي» لأفضل لاعب أفريقي في استفتاء صحيفة «المنتخب» المغربية للعام 2016 بخلاف جوائز فردية أخرى. وأكد محرز وقتها أن تتويجه بجائزة أفضل لاعب أفريقي للعام 2016 سيدفعه لتقديم أفضل ما لديه خلال نهائيات كأس أمم أفريقيا 2017 بالغابون، واعترف محرز بأن التتويج بكأس أمم أفريقيا سيكون أمراً رائعاً بعد الألقاب التي حصل عليها معترفاً بصعوبة البطولة التي تستوجب التركيز الدقيق في كل التفاصيل. ولكن الحظ عاند الفريق وخرج المنتخب الجزائري من الدور الأول للبطولة دون ترك أي بصمة ليتأجل حلم محرز إلى النسخة التالية التي تستضيفها مصر خلال الفترة الحالية. وبعدما كان حلم محرز في النسخة الماضية هو نقل النجاح الذي حققه مع ليستر إلى مسيرته مع المنتخب الجزائري، سيختلف الحال نسبياً في الموسم الحالي، إذ يحتاج محرز إلى السطوع مع منتخب بلاده للتأكيد على أنه لا يزال ذلك النجم الموهوب الذي لفت أنظار الجميع في 2016. ورغم انتقاله إلى مانشستر سيتي الإنجليزي الذي توج في الموسم المنقضي بلقب الدوري الإنجليزي، لم يظهر نجم محرز في الموسم المنقضي مع مانشستر سيتي بنفس البريق الذي كان عليه في 2016 مع ليستر وهو ما يحاول اللاعب علاجه من خلال السطوع مع الخضر في بطولة أفريقيا. ويدرك محرز حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه بصفته أبرز نجوم المنتخب الجزائري (الخضر) خاصة أنه الآن في السابعة والعشرين من عمره ويجب أن يكون في أوج العطاء. ويمتلك محرز الإمكانات التي وضعته على طريق النجوم العمالقة، حيث يتميز اللاعب بالسرعة والمهارات الفردية والخططية، إضافة إلى إجادته تسجيل الأهداف من مختلف الزوايا ومن أصعب المواقف، وكذلك صناعة الأهداف لزملائه من خلال التمريرات الدقيقة المتقنة التي تثير فزع المنافسين. وبدأ محرز مسيرته الكروية من خلال فرق الناشئين في نادي مدينة سارسيل التي ولد بها في فرنسا ثم التحق العام 2009 وهو لا يزال ناشئاً بفريق كويمبر للهواة في فرنسا. وبعد موسم واحد فقط، انتقل محرز للفريق الثاني بنادي لوهافر الفرنسي وقدم مسيرة جيدة مع الفريق على مدار ثلاثة مواسم قبل تصعيده للفريق الأول بالنادي ليظل معه حتى العام 2014. وفيما كان ستيف والش كشاف نادي ليستر سيتي يراقب اللاعب رايان مينديز زميل محرز في صفوف لوهافر، نالت إمكانات النجم الجزائري إعجاب والشيء الذي أقنع اللاعب بالانضمام لليستر علماً أن محرز لم يكن يعرف شيئاً يذكر عن النادي الإنجليزي وكان يعتقد بأنه أحد أندية الرجبي. وفي الوقت الذي اعتقد فيه المحيطون بمحرز أن الدوري الإنجليزي لا يناسب طريقة لعبه حيث كانوا يرشحونه للانتقال إلى الدوري الإسباني، فاجأ محرز الجميع بالتألق مع ليستر الذي انتقل إليه في يناير 2014 بعقد يمتد لثلاثة أعوام ونصف العام. ورغم العروض التي تلقاها محرز من أندية كبيرة للانتقال إلى أحدها بعد المستوى الرائع الذي ظهر عليه مع ليستر 2015، اختار اللاعب البقاء مع ليستر ووقع في أغسطس 2016 عقداً جديداً يمتد لأربعة أعوام. ولم يترك محرز فريق ليستر سيتي إلا في صيف العام الماضي وفي صفقة حققت مكسباً كبيراً لليستر، إذ انتقل لمانشستر سيتي مقابل 60 مليون جنيه إسترليني ليصبح أغلى لاعب أفريقي حتى الآن كما أصبح أغلى لاعب يتعاقد معه مانشستر سيتي وصاحب أعلى مقابل مالي يحصل عليه ليستر سيتي في تاريخ صفقات النادي. ولكن أرقام ومسيرة اللاعب مع مانشستر كانت أقل مما حققه في مسيرته السابقة مع ليستر. وتزامن انتقال محرز في مطلع 2014 إلى ليستر مع بداية مسيرته الدولية مع المنتخب الجزائري ولكنه لم يترك بصمته مبكراً مع الفريق مما دفع البعض إلى انتقاد البوسني وحيد خليلودزيتش المدير الفني للمنتخب الجزائري وقتها على ضمه لقائمة الفريق في كأس العالم 2014 بالبرازيل. ورغم هذا، أشركه خليلودزيتش في المباراة الأولى له بالبطولة أمام بلجيكا ثم أسقطه من حساباته في المباريات الأخرى بهذه البطولة التي بلغ فيها المنتخب الجزائري الدور الثاني (دور الستة عشر) للمرة الأولى في تاريخ مشاركاته بالمونديال. وفرض محرز نفسه بقوة بعد المونديال على تشكيلة الخضر خاصة مع تألقه في صفوف ليستر ليصبح أهم الأسلحة التي يعتمد عليها الفريق بقيادة المدرب الوطني جمال بلماضي والأمل الأكبر لمحاربي الصحراء في كأس الأمم الأفريقية.