أطفالنا هم زينة الحياة وجمالها، ونراهم كذلك في كل صورهم وحالاتهم وفي كل زمان ومكان، ولكن يجب ألا تتعدى تلك النظرة محيطها لنُجبر الآخرين عليها. فالأطفال أنواع، منهم هادي الطبع، ومنهم صلف الطباع، والبقية تتأرجح ما بين هذا وذاك؛ وتباعا لذلك نجد إزعاجا من تلك الكائنات الصغيرة، لن نتحدث عن بيوت الآخرين التي يزورونها، بل الأماكن العامة من أسواق ومتنزهات ومطارات.. وغيرها. ففي الطائرة - على سبيل المثال - تجد من الناس مريضاً، ومهموماً، ومتأملاً، وقارئاً، وناشداً للهدوء، فيتسلط عليهم طفل يبكي من انطلاق الطائرة حتى وصولها، وطفل آخر يلعب بالمقعد الذي أمامه بالركل، وطفل ثالث يتحدث ويصرخ وينادي والأهل يشاركونه هواياته بكل حب وفخر، في ظل صمت الركاب المطبق ومعه الغيظ الذي يسبق، ولك أن تقيس إلى هذا الأمر بقية الأماكن العامة. قد يقول قائل: إنهم أطفال وليس عليهم حرج، وآخر يقول: قد تحدث أمور لا نستطيع السيطرة عليها مع الطفل، وآخر يقول: هم لا يفعلون كذلك في بيوتنا، ونستغرب من هذه التصرفات منهم أمام الناس. «الحقيقة التي يجب أن نسلم بها أن أطفالنا يفعلون ذلك، ولكننا تعايشنا مع هذه التصرفات ولم تعد تلفت النظر، ولكن ما اختلف أننا ننظر لتصرفاتهم خارج البيت بعيون الآخرين الناقدة فنستغربها. ندرك جيدا أن مرحلة الطفولة فيها حركة ونشاط يفوق أي مرحلة أخرى، وندرك أن الطفل لا يفهم إلا المحسوسات، وندرك أن لديه ولعا شديدا بالاستكشاف، ولكن ندرك أيضا أن الطفل يقلد فهو انعكاس صاف لما يمارس أمامه من سلوكيات، يجب تلافيها من الأسرة والأقارب ومن ثم المجتمع.