أبرز رسائل الحوارات الإعلامية تتركز أولا فيمن يحدد أهمية الحوار، هل هي الشخصية والحدث أم الوسيلة الإعلامية وأجندتها؟ وقد حدث ذلك من قبل في حوارات سمو ولي العهد عندما ثارت أسئلة حول أهمية الحوار لوسيلة إعلامية وطنية في مقابل وسيلة دولية، وكذلك حتى مع حوار تلفزيوني تم مع قناة mbc ومقارنته بالحديث مع القناة الوطنية. ما يهمنا هنا هو أن شخصية الأمير محمد بن سلمان باتت في مركز الحدث والاهتمام العالمي، وبالتالي رسالة الشخصية تعلو تجاذبات الموقف والوسيلة. وجاءت رسائل حواره مع "الشرق الأوسط" مطلع هذا الأسبوع تحمل عديدا من الرسائل كموجة وراء موجة على سطح ماء راكد. فكثيرون يريدون أن يعرفوا الموقف السعودي من كثير من القضايا، خاصة التصعيد الإرهابي الإيراني في البحر والمضايق الدولية، أو تنشيط خلاياه الإرهابية لتحريك المشهد، ودفعه نحو صورة المنتصر الإيراني بالتفاوض، ولكن هيهات، فاستراتيجية إيران في إدارة الساحة السياسية من خلال وكلاء من منظمات إرهابية أو عبر تجار المخدرات لن تستمر. ولعل الخطوة الأولى كانت في رسالة استئصال سرطان ميليشيا الإرهاب في اليمن، وكانت هناك رسائل لم تصمد طويلا تحت أضواء الإعلام لموقعها الجغرافي، وتتمثل شبهة الاستثمار الإيراني وميليشياته مع تجار السلاح والمخدرات في أميركا الجنوبية وغيرها من إفريقيا. كما أن الحوار لم يتعمد إغفال موضوع مقتل الصحفي جمال خاشقجي، الذي لعبت تركيا ومن لف لفيفها على هذا الوتر التحريضي لأشهر، ولم تكن رسالتها التعاون في تحقيق العدالة وإظهار الأدلة، وبالتالي انقلب السحر على الساحر، وبدأت بنغمة جديدة وهي تجاوز الأزمة، وهذا هو مسار التاريخ. الرسالة الأهم في حوار سمو ولي العهد هي أن المملكة ليست دولة عدوانية، أو تستمتع بالحرب، وإنما هي دولة معركتها في التنمية ليست للمجتمع السعودي وإنما للمجتمع العربي، وهي رسالة للغرب والشرق معا. رسائل تقول مصالحكم في المنطقة وقت الحرب أقل بكثير من مصالحكم فيها وقت التنمية والسلم. فالحلم بجعل المنطقة أوروبا المستقبل يعني أن هناك شراكات وأجندات؛ ولذا فإن أجندة إيران لتخصيب اليورانيوم رسالة تدمير وحرب، ومع ذلك هناك من يعمل معها ليستفيد من صناعة الحرب. حروب عبثية وفوضى قطرية وإقليمية لم توصل المنطقة إلا إلى حقيقة واحدة، وهي أن الحرب تلد أخرى، وأن العنف لن يفيد سوى تجارة السلاح وليس شركاء التنمية. رسائل جديدة من الصين والهند قد تغير المشهد، ورسائل محلية تلتف مع ولي العهد لدفع عجلة التنمية، والتنبيه على من يحاول تشويه المشهد بأفعال خارج إطار الرؤية والمستقبل.