أبي الغالي رحمه الله.. مرت أربعون سنة على رحيله.. وما زال صغيره يتيماً كما تركه.. الأربعون على خديّ كالنارِ في رحلة العمر يا وعثاء أسفاري الأربعون لهيبٌ يكتوي بدني يكاد يفقدني صبري وإصراري الأربعون عَذَابٌ بتُ أمنحه صبري ويمنحني ضعفي وأوزاري الأربعون رحيلٌ ما له أمدٌ كأنما أنا في صحرائه الضاري الأربعون جراحات مبعثرةٌ هم ينازعني جهري وإسراري يا من يسائل عن أكدار فاجعتي انظر إليَّ ففي عينيَّ أكداري تلك الصباحات عند الناس أعرفها ليلٌ يمزق في قلبي وأوتاري أسير من حرقةٍ حرى، وتحملني أخرى وتتركني في قلبِ محتارِ أراك يا أبتي في كل صادرةٍ أو كل واردةٍ أو طيف زوارِ في كل شاردة تأتي فتعصرني وجداً وترجع لي بوحي وأطواري في لذة اللثغ (ودي) والمدى حلمٌ والأنسُ يشمل فينا منزل الجارِ وفي التفاصيل من صفوي ومن دعتي ومن سروري ومن طيشي وأعذاري ماذا أقول وعمري في طفولته كجمرةٍ سقطت من كف جمّارِ أما الفؤاد وما يحويه من غصصٍ فبرعمٌ ما ارتوى من مائه الجاري كم تقت يوماً لشيء منك يحضنني وكم تعذبت من بؤسي وإعساري وكم تجسّد في روحي وفي بدني تيهٌ وبعثرني في ريح مشواري كأنني والبقايا منك تسكنني لحناً تفجّره آلام قيثاري أمدُ كفي إلى حزني فألمسه كأنما هو في روحي كإعصارِ يزورني طيفك الغالي فأعرفه وينثني فأنادي أيها الساري أبي وبعدك - لا أدري - يساورني شكٌ يقاسمني حزني وأخباري أبي! ويرتد صوتي لا عزاء له ويغمر الخد مني لاهبُ النارِ تظل رغم سنين الفقد يا أبتي شوقاً يُشاطرني نزفي وأشعاري جبرت شعريَ والأحزان تكسرني مع كسر قلبي على أمني وأخطاري تمضي سنيني، عزائي أنني رجلٌ آمنت أنك موصولٌ بأقداري ولي بأمي عزاءٌ يبتني وطناً من الصمود برغم النارِ والغارِ يكبّر الصبر في تسبيح سجدتها وتخشع الأرض والجدران في الدارِ ويسهر الشوق منقوشاً على ولهٍ يظل - يا أبتي - ليلي وسماري