قطر مثل من يشتري محصولًا بمبالغ باهظة، ويفشل في تسويقه مجانًا، والسبب؛ لأنها فقدت ثقة الشعوب والحكومات، وسقطت في وحل الابتزاز السياسي الإيراني والتركي، ورهنت شعبها لمن يتولى أمرهم من المرتزقة المسيّسين، ثم تدافع بلا كرامة ولا سيادة عن حقوق الآخرين.. الحراك القطري سياسيًا وإعلاميًا بعد قمم مكة التاريخية يمكن تصنيفه على أنه دور مشبوه جديد تمارسه الدوحة؛ لمحاولة ما تعتقده تخفيف الضغط على حليفها الاستراتيجي إيران، وتضليل الرأي العام الدولي تجاه السلوك الإيراني في المنطقة؛ حيث بات واضحًا سبب تراجعها المخجل عن قرارات القمة الخليجية، التي تدين طهران صراحة، وفقدانها للكرامة والسيادة والإرادة السياسية في اتخاذ القرار، إلى جانب ما عبّر عنه وزير الخارجية القطري في حديثه المتلفز من إساءات وتقليل للنجاح الكبير الذي حققته القمم الثلاث، كذلك ما تحدث به حمد بن جاسم لصحيفة بريطانية من اتهامات باطلة تجاه المملكة، وتحديدًا في جانب الإرهاب، فضلًا عن تحديات مستشار أمير قطر، واستفزاز الشاعر ابن الذيب شعرًا، وما تبثه قناة الجزيرة على الدوام من فبركات إعلامية، ومزايدات رخيصة على واقع لم يعد يحتمل الكذب القطري المكشوف. كل ذلك الحراك ليس له تفسير أو مبرر سوى أن قطر تعيش أزمة جديدة ليست مع نفسها، أو مع محيطها الخليجي، ولكن أيضًا مع المطالب الإيرانية والتركية التي جرّدت حكومتها من حقها في اتخاذ القرار، والأسوأ التراجع عنه بما يخدم مصالح غيرها، والأكثر غرابة حين تتوهم قطر - بعد عامين من المقاطعة - أن أزمتها مع دول الخليج يمكن حلها بمزيد من الضغوط والمناكفات السياسية والإعلامية، ودعم الخلايا والميليشيات الإرهابية، وجلب مزيد من المرتزقة لتصفية الحسابات على طريقة "اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس"، وهذا الوهم الذي يكبر يومًا بعد آخر بالمال المشبوه، والأجندات المسيّسة فكرًا وسلوكًا، والتبعية التي يُضرب بها المثل أمام العالم والتاريخ؛ لم تجبر دول المقاطعة في النهاية على التخلي عن مطالبها المعلنة، أو التراجع عنها، أو حتى مجرد ذكر الأزمة الخليجية في بيانات القمم؛ لأنها في الأساس لها طريق واحد للتسوية التي يبدو أنها ليست قريبة!. قطر مثل من يشتري محصولًا بمبالغ باهظة، ويفشل في تسويقه مجانًا، والسبب؛ لأن الحكومات والشعوب لم تعد تثق بها كدولة ونظام، وهم يرونها تتراجع عن قراراتها ومواثيقها بأمر من يملكون السيادة فيها، وتدعم الإرهاب وجماعاته، وتتحالف مع الشيطان لنشر الفوضى والقتل والدمار، وتوزع الأموال لإثارة الشعوب على أوطانها، ومع كل ذلك يبحثون في النهاية عمن يصدّق أنهم مظلومون، أو محاصرون، أو عادوا أقوى مما كانوا، ورب ضارة نافعة كما يقولون، وكل هذا الكلام الذي يقتاتون عليه منذ عامين لم يغيّر من الواقع شيئًا؛ فقطر لا تزال تهرب من أزمتها إلى وحل أسود من الابتزاز السياسي الإيراني والتركي، وعزل تام عن محيطها بعد أن تعرّت أهدافها وسياساتها في المنطقة، والأخطر حين ترهن شعبها لمن يتولى أمرهم من المرتزقة المسيّسين، وتذهب لتدافع بلا كرامة عن حقوق الآخرين، أو تعتقد أنها توجه رسالة للعالم من الخطر، الذي يواجه مصالحهم، وكأنها أعرف بها منهم، أو أقدر على تمرير الحل لهم. تخيلوا حمد بن جاسم يتحدث من لندن عن غيرة السعودية من ثروات قطر، ويتساءل بوقاحة: كم عدد السعوديين في "داعش"؟ ولماذا يحج الإيرانيون ويُمنع القطريون؟ ويقدم نصائح للحكومة البريطانية في التعامل مع أزمة بريكست؛ حتى نعرف كم هم حمقى ومرضى، ويتهربون من الحقيقة التي تلاحقهم يومًا بعد آخر، حيث لا يزال الجواز القطري شاهدًا على عناصر إرهابية تنقلت به ووصلت من خلاله لتحقيق أهدافها، والمال السياسي داعم للسلاح والحراك والفوضى، والسفارات القطرية في الخارج ملتقى للمأجورين، والإرهابيون المندسون في قطر مصدر آخر لتعطيل العدالة والقانون الدولي، والمحزن في ذلك حين يتاجر بالشعب القطري الشقيق، ويوهمه أن السعودية حرمته من الوصول إلى الأماكن المقدسة، رغم أن حكومة بلاده هي من منعته، وسيّست نسكه رغم التسهيلات السعودية المقدمة له.