تقاس المؤسسات التعليمية بمستوى كوادرها التعليمية المميزة لا بما تمتلكه من مخزون مالي ولا بما تمتلكه من مبانٍ، ولا حتى بتراثها وتاريخها العريق.. فكل تلك الأمور إنما تلجأ إليه المؤسسات الضعيفة التي تحاول جاهدة تغطية عجزها في صناعة المعرفة، وإخراج جيل متعلم يتميز بالثقافة والريادة التعليمية، وفي نظري إنما تقاس أي مؤسسة تعليمية بريادتها في مجالي التعليم والتربية دون غيرهما. ولطبيعة الحياة الاستثنائية التي يمر بها طلابنا ونعيشها معهم تستوجب على النصح من القائمين على العملية التعليمية العمل وإعادة النظر دوماً في وسائل وأدوات التعليم والتقييم؛ لأن هناك الكثير من التحديات التي تحيط بالطلاب من جميع الجوانب مع واقع شديد التعقيد، وكثير المطالب، ولا شك أن المهمة شاقة ومتعبة. وقد ظهرت منذ سنوات قليلة متلازمة في التعليم استقرت في نفوس الطلاب، والأدهى والأمر استقرارها في نفوس أولياء الأمور والمعلمين، حتى أصبحت منهجاً عاماً عند كثير من المؤسسات التعليمية، وهي متلازمة: (تلخيص المنهج الدراسي في ورقات يسيرات تعطى للطلاب قبل الاختبار بأيام)، وهي آفة عظيمة، ونوع من الأمراض التعليمية المزمنة المعاصرة، ونازلة من نوازل التعليم، ومستجدة من المستجدات لم يكن عليها سالف القائمين على التعليم. وهذه الملخصات بهذه الصورة تتصف بإثار سلبية كثيرة مضرة للبناء التعليمي وهادمة للكيان المعرفي، فهي تختزل المادة العلمية اختزالاً شديداً مع إهمال الكتب الدراسية المقررة إهمالاً عظيماً، فلم يعد للكتاب المدرسي مع وجود هذه المختصرات عند الطلاب أي قيمة، بل لا يلتفتون إليه، وقد أبصرت ذلك بنفسي، وليس الخبر كالمعاينة، كما أن هذه المختصرات تلخص المادة المدروسة بما لا يتحقق مع أهداف المادة العلمية المنشودة، وتعد من أكبر العوامل المساهمة في إهمال الطلاب للمذاكرة والتعب والجد؛ إذ يتكلون عليها فغالب الاختبارات إن لم يكن كلها تأتي منها، كما أنها تساعد على تعويد الطلاب على الحفظ للمعلومات من دون إعمال الفكر والنظر والفهم والإدراك للمادة المدروسة، زيادة على إهمال المهارات المرجوة من المادة، وإهمال طرق التدريس الحديثة، وأحسب كذلك مخالفتها لسياسات التعليم في غالب البلدان. وإني أنادي إلى ضرورة الالتزام بما يحتويه الكتاب المدرسي وعدم الاستغناء عنه بأوراق عمل، أو ملخصات تختزل المحتوى الدراسي، ولا تلتفت لمهاراته بصورة تتسبب في ضياع أهداف التعليم وإهمال العلم شيئاً فشيئاً على مر الأيام، والله الموفق.