تعود ذكرى بيعة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- ولياً للعهد متزامنة مع ما تشهده المرأة السعودية من حضور وتمكين في المجتمع وذلك بعد سلسلة من القرارات الداعمة والمبادرات الجادة ضمن مستهدفات رؤية المملكة 2030، ومبادرات برنامج التحول الوطني، والتي لامست التغيير في جوانب مهمة تتناسب مع المرحلة الانتقالية والمفصلية في تاريخها. وبقدر ما تؤمن المرأة السعودية بقدراتها وإمكاناتها كانت رؤية المملكة 2030 أيضاً مؤمنة بأهمية دورها واعتبارها عنصراً مهماً من عناصر قوة المجتمع، ومن هنا هدفت إلى تمكينها اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً، والتمكين هنا لا يقتصر بسوق العمل أو ممارسة الأعمال التجارية والاستثمارية أو غير ذلك، وإنما هو تمكين شامل في كل المجالات والأنشطة المفعلة لدورها اجتماعياً وقيادياً، خاصةً في صناعة القرارات الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية. وشهدت الأعوام الماضية قرارات وتوجيهات القيادة الحكيمة لمزيد من التمكين والحضور القوي، وهو ما ينم عن ثقة كبيرة وعزم أكيد نحو تمكين يزيد من مكانة المرأة السعودية، وحقيقة أن فرص التمكين لم تأت لمجرد أن هناك رغبة في تمكين المرأة وزيادة مشاركتها وإعطائها أدوارًا قيادية بارزة، بل نتيجة حتمية لما وصلت له المرأة من كفاءة وجدارة وخبرة ولما كانت تمتلك من الشغف والطموح والإصرار الشيء الكثير، وقبل ذلك رغبتها التي تقودها لأن تكون مؤثرة وصانعة ومساهمة في التنمية والتطوير والإبداع، الذي يحقق رؤية بلادها ويؤكد على ثقة وإيمان قادتها بها. مشاركة سياسية ولعل أهم بدايات التمكين للمرأة السعودية هو توسيع مشاركتها السياسية من خلال تعييناتها في مجلس الشورى، إذ باتت تشكل 20 % من مقاعد مجلس الشورى، كما كان من القرارات الداعمة لها عدم اشتراط موافقة ولي الأمر عند تقديم الخدمات لها أو إنهاء الإجراءات الخاصة بها، إضافة إلى قرار قيادة السيارة، وحمايتها من التحرش، وكذلك محاربة العنف الأسري والحد من ضحاياه، ولا ننسى هنا ذكر القرارات العدلية والحقوقية التي كان أهمها صدور نظام صندوق النفقة وضبط زواج القاصرات، تلى ذلك السماح للمرأة وتمكينها من دخول الملاعب الرياضية لمشاهدة المباريات، وإقرار برنامج التربية البدنية في المناهج التعليمية لمدارس البنات، إضافة إلى السماح لها بحضور فعاليات هيئة الترفيه، من حفلاتٍ غنائية ومسرحية، كما جاءت 60 % من الميزانية الخاصة للتعليم هي اعتمادات لتعليم الفتاة، في حين زاد تمكين عمل المرأة في عدة مجالات مثل المحاماة إذ زاد عدد المحاميات من 60 محامية إلى أكثر من 244 محامية سعودية، وعلى ضوء رؤية ولي العهد التي تركز على الاستفادة من إمكانات المرأة ودورها في تحقيق التنمية المستهدفة والمستدامة للمجتمع السعودي، نصت الرؤية في أحد أهدافها الاستراتيجية على رفع نسبة مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل من 22 % إلى 30 %، إلى جانب تعزيز مشاركة المرأة في هذا الحراك الشامل في رؤية 2030، بتعيينها في مناصب عدة، وهنا نكشف أن نسبة السعوديات الملتحقات بالقطاع الخاص زادت إلى أكثر من 120 %، ومازال العمل مستمرا من أجل مواجهة كافة التحديات التي تعترض بيئات عمل المرأة، وتتواصل الجهود المجتمعية والحكومية لمزيد من التمكين القوي والمؤثر، إذ ما علمنا أن هناك أكثر من 100 قرار وتوصية صدرت من مجلس الشورى تخص المرأة حتى عام 2018م. مناصب عدة ولعل من أهم المؤشرات الإيجابية لتعزيز وتحقيق التمكين المنشود، كان القرار الأكثر انتظاراً وحلماً للمرأة السعودية وهو تعيين أول سفيرة سعودية، إذ تم في مطلع العام 2019م تعيين صاحبة السمو الملكي الأميرة ريما بنت بندر كأول سفيرة سعودية بمرتبة وزير، كما تم استحداث منصب وكيل وزارة الخدمة المدنية لتمكين المرأة وتعيين هند الزاهد في هذا المنصب، كما عينت تماضر الرماح وكيلة لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية، وكانت بهذا ثاني سيدة تتولى منصب وكيل وزارة في المملكة، وتكلفت بالإشراف العام على وكالة الرعاية الاجتماعية والأسرة، كما تم تعيين سيدة الأعمال والأكاديمية نوف الراكان في منصب رئيسة تتفيذية للاتحاد السعودي للأمن السيبراني، وتعيين نورة التركي في الاتحاد السعودي للرماية في منصب نائب رئيس اتحاد رياضي، كما تقلدت أسماء بنت طلال حمدان أول منصب قيادي في شركة طيران سعودية، في حين تم تكليف 14 سيدة في منصب وكيلة جامعة لشؤون الطالبات، وكانت د. دلال نمنقاني أول عميدة لكلية الطب بجامعة الطائف، كما تم تعيين سيدة الأعمال هيا السنيدي عضواً في لجنة البرنامج الوطني للمعارض، وتعيين أول دفعة من المراقبات الجويات بمركز المراقبة الجوية بجدة، وعينت أرامكو نورة الدوسري كأول محامية عنها أمام محاكم العمل السعودية في وزارة العدل، وتقلدت نوف المبارك منصب رئيس الدراسات والتصاميم في وزارة الصحة والمنشآت التابعة لها، كما تم تعيين الدكتورة فاطمة الرشود وكيلاً مساعدا للرئيس العام للشؤون النسائية لرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، وتم للمرة الأولى في تاريخ المرأة السعودية تعيين سيدتين في مناصب رفيعة بوزارة الصحة والسفارة السعودية بواشنطن، كانت البداية بتعيين وزارة الخارجية لفاطمة باعشن كأول سيدة سعودية متحدثة باسم السفارة السعودية في واشنطن، ثم تعيين د. لبنى الأنصاري ضمن قيادات منظمة الصحة العالمية. أهم المجالات وتتوالى تعيينات المرأة السعودية، لتشمل تعييناتها في أهم المجالات والقطاعات كقطاع المصارف الذي شهد تعيين سابق لسارة السحيمي رئيسة لمجلس إدارة شركة السوق المالية -تداول-، وتعيين رانية نشار رئيسة تنفيذية لمجموعة سامبا المالية، ولطيفة السبهان مديرة مالية للبنك العربي الوطني، وفي الجانب الاقتصادي أيضاً كانت هناك تعيينات مهمة تتم للمرة الأولى في تاريخ عدد من الوزارات والمؤسسات الحكومية كتعيين نشوى طاهر قنصلاً فخرياً لدى هولندا، باعتبارها من أهم رموز المملكة في المجال الاقتصادي والدبلوماسي، كما أصدر وزير التجارة والاستثمار الدكتور ماجد بن عبدالله القصبي قراراً بتعيين سمر بنت مازن صالح ملحقاً تجارياً في الملحقية التجارية السعودية في العاصمة اليابانية طوكيو، لتكون أول امرأة تتولى منصب ملحق تجاري في تاريخ الوزارة، إضافة إلى تعيين منى الزهراني كأول سعودية تتولى منصب نائب لأمين الغرفة التجارية بالطائف، ونظراً لوجود الحاجة الماسة لقيادات نسائية مُتخصصة في البلديات لتقديم خدمات متكاملة ومباشرة للسيدات تم تعيينات واسعة في مختلف مناطق المملكة في مناصب عدة في البلديات منها منصب رئيسة بلدية نسائية ومساعد لرئيس بلدية. تميز وتفرد وعلى الرغم أن رؤية 2030 قطعت شوطاً زمنياً قصيراً، إلاّ أنها قدمت للمرأة السعودية الشيء الكثير لتشعر كل سيدة سعودية أنها تعيش عصرها الذهبي الذي يدفعها لمزيد من البذل والجهد لمواصلة طريق التميز والتفرد بعد أن حفلت كثير من المحافل العلمية والأدبية بأسمائهن، وبالتأكيد أن هذا الطريق لن يتوقف عند هذا الحد من تقليد المرأة لهذه المناصب، إذ ما يزال هناك المزيد من الفرص للوصول لمناصب قيادية تعكس للعالم الصورة الحقيقية لحجم ثقة القيادة الرشيدة والتقدير الحقيقي للمرأة وإيمانها بدورها وأهمية إشراكها في عمليات التنمية الشاملة، وهنا وأمام هذه التمكين وهذه القدرات يصمت بل يخرس كل من يحاول عبثاً أن ينقل صورة مغلوطة عن أوضاع المرأة السعودية، وكأنها لا تنال حقوقها ولا تحظى بأي تقدير، في حين أننا وصلنا إلى مرحلة كبيرة وقوية جداً من التمكين الذي تعتمد فيه المشاركة المتساوية بين المرأة والرجل، دون وجود لأي شكل من أشكال التمييز، ليبقى المعيار بينهما هو الكفاءة والقدرة على الاستمرار. فهنيئاً للمرأة السعودية بتلك الثقة وهذا التوجه، وتحية تقدير ووفاء لولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- لإيمانه ونظرته المنصفة لسيدات الوطن والتأكيد على قدرتهن على التطوير والتحديث في شتى المجالات التي قد هيأت لها كل السبل والتشريعات الملائمة لتقول وبفخر أنا هنا سعودية العطاء وقوية البناء والتأثير في مجتمعي المحلي والمجتمعات العربية والدولية. المرأة أثبتت جدارتها في تحمل المسؤولية المرأة قادرة على التطوير والتحديث في شتى المجالات