برؤية مستنيرة وثاقبة وبخطوات كبيرة وقرارات تاريخية مهمة بدأت مرحلة متسارعة وجادة لتعظيم دور المرأة السعودية، وتعزيز مكانتها المجتمعية بكل ما من شأنه أن يقدم صورة مشرقة ومشرفة لمساهماتها الفاعلة في جميع مجالات التنمية الوطنية. اليوم ووفقاً لرؤية 2030 برز الكثير من الأهداف الاستراتيجية التي تدعم مرحلة التمكين في سائر المناشط الحياتية، وكذلك توسيع نقاط مشاركتها لتتصدر حتماً المشهد الاجتماعي والاقتصادي بعد أن صدرت العديد من القرارات والتشريعات لتطوير قدراتها، واستثمار طاقاتها ومنحها فرصاً حقيقية للمساهمة في تنمية المجتمع في جميع المجالات. يأتي في مقدمة تلك القرارات الحقوقية الصادرة قرار تمكين المرأة السعودية من الخدمات الحكومية كافة دون اشتراط موافقة ولي الأمر، وذلك لمنحها الاستقلالية في إدارة شؤونها وشؤون أسرتها، كما وضعت عدداً من الضوابط القانونية للحد من تعرض المرأة للاستغلال والعنف والتمييز ضدها، إضافة إلى ضبط زواج القاصرات ومنع التمييز ضد المرأة في أماكن العمل. وتوالت القرارات العدلية المهمة لتعديل الأنظمة وإعطاء حقوق المرأة المطلقة والحاضنة، وذلك بتنظيم صندوق النفقة للمطلقات والأبناء. أما أبرز القرارات التاريخية هو قرار قيادة المرأة للسيارة، وذلك باعتماد تطبيق أحكام نظام المرور ولائحته التنفيذية، بما فيها إصدار رخص القيادة للذكور والإناث على حد سواء، وفي ذلك القرار تأكيد بالغ الأهمية على تصويب المفاهيم المجتمعية الخاطئة التي تنتقص من أهلية المرأة، وقد أحدثت قضية عدم قيادتها للسيارة جدلاً كبيراً لسنوات طويلة في الشأن المحلي، أما في الخارج فقد تم استغلالها في الحملات المغرضة التي تستهدف النيل من سمعة المملكة في التقارير والمحافل الدولية الحقوقية. وفي مطلع عهد هذه الرؤية صدرت أيضاً قرارات تدعم وترفع نسبة مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل، إذ يتوقع رفع نسبة مشاركتها في القوى العاملة من 22 % إلى 30 % في العام 2030، مما يعني إيجاد مليون وظيفة جديدة، كما يجري العمل على زيادة حصة المرأة في سوق العمل في العام 2020 إلى 24 %، والتي تصل حالياً إلى 21.2 %. كما أن هناك مبادرات فاعلة لتشجيع المرأة نحو ريادة الأعمال بتسهيل الإجراءات الخاصة بدخولها القطاع الخاص، فضلاً عن عدة برامج تدعم الأسر المنتجة. وفي مجال التعليم تؤكد الرؤية على تكافؤ فرص الحصول على التعليم والتدريب والتأهيل على جميع المستويات، إضافة إلى التوسع في افتتاح الأقسام العلمية في الجامعات السعودية بتخصصات متعددة كانت في فترة زمنية سابقة حكراً على الرجل، كالهندسة، والعمارة، والإعلام، والقانون، والزراعة والتقنية الحديثة. وتواصلت مسيرة التمكين ووضع المرأة في موقع المسؤولية بشكل أكبر ومجالات أوسع بتعيينها بمناصب قيادية سياسية واقتصادية واجتماعية وتعليمية، بدأت بتعيين وزارة الخارجية لفاطمة باعشن كأول سيدة سعودية متحدثة باسم السفارة السعودية في واشنطن، وتعيين نشوى طاهر قنصلاً فخرياً لدى هولندا، باعتبارها من أهم رموز المملكة في المجال الاقتصادي والدبلوماسي. كما تم تعيين د. لبنى الأنصاري "أول سعودية" ضمن قيادات منظمة الصحة العالمية وحتى صدور القرار الملكي بتعيين د. تماضر الرماح نائبة لوزير العمل والشؤون الاجتماعية. إضافة إلى تعيين سارة السحيمي رئيساً لمجلس إدارة شركة السوق المالية السعودية "تداول"، وأخيراً تتسابق الجامعات السعودية في تمكين القيادات النسائية بتعيين عدد من العميدات، وهذه الزيادة في التعيينات تؤكد عزم وإصرار القيادة الرشيدة على تمكين كل امرأة سعودية أثبتت تفوقها وتميزها واستحقاقها للمنصب. وفي منعطف مهم وتاريخي تحقق بفضل رؤية 2030 كان هناك قرار زاد من وتيرة خطوات تمكين المرأة السعودية، في مختلف الألعاب الرياضية، تطبيقاً للرؤية، التي تستهدف رفع نسبة ممارسي الرياضة، داخل المجتمع، من 13 % إلى 40 %، إذ تم إقرار الرياضة النسائية في مدارس البنات، كما سارعت جهود الهيئة الرياضية النسائية بقيادة ودعم الأميرة ريم بنت بندر بإيجاد برامج وفعاليات ترفع من معدلات ممارسة المرأة للنشاط البدني، ورفع معدل الوعي بأهمية الرياضة في المجتمع، إضافة إلى تشجيعها للمشاركات والمنافسات المحلية والخارجية في البطولات المختلفة، وقد توجت أخيراً دنا الغامدي كأول سعودية تحقق ميداليات ذهبية في الملاكمة، كما تم السماح للمرأة السعودية بالدخول للملاعب الرياضية كخطوة مهمة نحو إعطاء مزيد من الحقوق والمساواة للمرأة السعودية. وتعكس تلك الخطوات والقرارات التقدير الحقيقي لكيان المرأة واعترافاً وإيماناً من القيادة الرشيدة بدور المرأة وأهميتها كعنصر مهم لقوة المجتمع، وسعياً إلى رفع مكانة المرأة السعودية، وإنصافاً لحقوقها التي غيبتها بعض الاجتهادات والعادات الخاطئة لسنوات طوال، ومن هنا تتواصل الجهود يوماً بعد يوم لمعالجة الممارسات التي كانت تصدر دون سند شرعي أو نظامي، كونها كانت أكبر معوقات التمكين. كما يأتي تعزيز حضور المرأة ومنحها الثقة المطلقة لإثبات وجودها في مسيرة التنمية تأكيداً على ما تمتلكه من طاقات ومواهب وإمكانات تقود مجتمعها وبلادها إلى مصاف الدول الحضارية بعلمها وعملها نحو آفاق من التقدم والتطور في شتى المجالات. Your browser does not support the video tag.